للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ١٠٠]

{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}:

{وَجَعَلُوا}: الواو: استئنافية، جعلوا: من الجعل، من أفعال القلوب؛ أيْ: تعني: التصيير، والتحويل.

وجعلوا: يعود على المشركين؛ فهم: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}: الجن، وهم الشياطين كفرة الجن.

فالشياطين (كفرة الجن)، زينوا للمشركين عبادة الأوثان، والأصنام، فأطاعوا الشياطين؛ فعبدوا الأصنام، والأوثان، وعظموها؛ كما عظموا الله.

{وَخَلَقَهُمْ}: أيْ: هؤلاء المشركون، يعلمون أن الله خلقهم، وخلق الجن، وخلق الملائكة، ومع ذلك عبدوهم، وجعلوهم شركاء لله، فكيف يكون المخلوق شريكاً للخالق؟

وهناك من العلماء من يظن أن في هذه الآية تقديماً، أو تأخيراً، له فائدة في التوسُّع في المعنى.

فلو قال: وجعلوا الجن شركاء لله؛ لنقص المعنى.

إذنْ: لماذا التأخير والتقديم؟ هنا يفيد التوسُّع في المعنى.

فالآية تعني: إنكار أن يكون لله شريك: من الجن، أو غير الجن.

ولو قال: جعلوا الجن شركاء لله؛ تعني: أنكر الجن أن يكونوا شركاء لله، وأما غير الجن، فلا يستبعد ويستنكر أن يكونوا شركاء لله، وقد يظن أنه يجوز، أو مباح، ولذلك جاءت بهذه الصيغة؛ لتحمل المعنيين معاً.

{وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ}:

{وَخَرَقُوا}: من الخرق: الذي يعني الشق والقطع أو الخرق: هو عمل فجوة في شيء طبيعي سليم؛ أي: سبحانه لم يلد ولم يولد اختلقوا له بشيئين وبنات وكان من المفروض عليهم أن يعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو أشركوا به لبث الفساد من غير تعقل وتدبر وفهم وقد تعني: اختلقوا؛ أي: الكذب، ومن دون علم؛ أي: افتروا الكذب، واختلقوه، وأخرق؛ تعني: أحمق، يختلق الأشياء.

{لَهُ بَنِينَ}: المسيح ابن مريم، أو العزير عليهما السلام.

{وَبَنَاتٍ}: أي: الملائكة كما افترى مشركو العرب، كانوا يقولون: الملائكة بنات الله سبحانه.

{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}:

{سُبْحَانَهُ}: تنزيه لله عن الشرك، والنقص، وعما يصفونه به -جل جلاله- ، مما لا يليق بكماله -عز وجل- ؛ من الولد، والبنت، والند، والمثيل. ارجع إلى سورة الإسراء، آية (١)؛ لمزيد من البيان.

وتنزيه ثابت قبل أن يوجد من ينزهه، أو يسبحه -جل جلاله- .

{وَتَعَالَى}: عن الشريك، والولد، والند، والنظير، تعالى على كل شيء؛ بقدرته، علو الذات، والقدرة، والقهر، علو الكبرياء، والعظمة، والجلال الأعلى؛ الذي لا يعلوه أحد.

{عَمَّا}: عن: حرف جر، ما: اسم موصول، أو مصدرية.

{يَصِفُونَ}: من الشريك، والولد، وغيره.