{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَنْ}: ارجع إلى الآية (٦١) السّابقة.
{نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: نزّل ولم يقل أنزل، نزّل فيها مبالغة وتوكيد أشد من أنزل، نزّل: تعني نزل مرات كثيرة أو تعني بتكرار، أما أنزل تعني مرة واحدة أو القليل. فإذا ما قارنّا هذه الآية من سورة العنكبوت مع الآية من سورة النّحل وهي قوله تعالى:{وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} نجد أنّ آية العنكبوت جاءت في سياق الشّرك والتّكذيب، وهو مقام أشد من آية النّحل الّتي جاءت في سياق تعداد النّعم، فلذلك لا يحتاج إلى توكيد ومبالغة، ولذلك استعمل نزل في آية العنكبوت، وأنزل في آية النحل.
{فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ}: الفاء تدل على المباشرة والتّعقيب، أحيا به الأرض: عادت مخضرّة بعد أن كانت مصفرّة يابسة وخامدة.
{مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا}: من للقرب؛ أي: بدون فاصل زمني مباشرة فكلّ سنة يحييها من جديد، ولو قال بعد موتها بدون (من) لدلَّ ذلك على إحياء الأرض بعد فترة طويلة أو قصيرة. ارجع إلى سورة الحج آية (٥، ٦٣)، وسورة فصلت آية (٣٩)، والأنعام آية (٩٩) للبيان والمقارنة.
{لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}: اللام والنّون في (ليقولن) للتوكيد، يقولن: بصيغة المضارع لتدلّ على تجدد وتكرار قولهم هذا بأنّ الخالق هو الله سبحانه.
{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}: لماذا الحمد هنا؟ لا تعني الحمد لله على أن أكثرهم لا يعقلون، وإنما الحمد لله على إقرارهم بأنّ الله هو الّذي خلق السّموات والأرض، وسخر الشّمس والقمر، ونزّل من السّماء ماء، فأحيا به الأرض بعد موتها، فهم أقاموا على أنفسهم الحجة، ونطقوا بالحق، وأيضاً الحمد لله على خلق السّموات والأرض وتسخير الشّمس والقمر وإنزال الماء من السّماء.
{بَلْ}: للإضراب الانتقالي.
{أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}: الأكثرية لا يعقلون والأقلية يعقلون؛ أي: لا يفهمون أو لا يستعملون عقولهم في فهم الأشياء وأسبابها ونتائجها، والموازنة بينها للوصول إلى الحقيقة وهي: أنّه هو الإله الحق الّذي يستحق أن يُعبد ويُطاع ولا يشرك به شيئاً، أو لا يعقلون هذا التناقض بين اعترافهم بأنّ الله هو الخالق ثمّ يقولون بألوهية غيره.