للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأعراف [٧: ٨٥]

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ}:

وأرسلنا {وَإِلَى مَدْيَنَ}: مدين: هو ابن من أبناء إبراهيم -عليه السلام- ، ومدين: اسم لقبيلته التي سُمِّيت على اسمه، ومدين: اسم للمدينة التي بناها وعاش فيها. وقيل: إن مدين هذا تزوج من رئيا ابنة سيدنا لوط -عليه السلام- ، وشكلوا قبيلة مدين، وتقع مدين في الجهة الشمالية الغربية من المملكة العربية السعودية في تبوك، وتقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وخليج العقبة يكون شمالها.

{أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}: أخاهم؛ لأنه من قومهم، وعاش بينهم، فأصبح كالأخ لهم. اختاره الله نبياً لهم. قيل: إن اسمه بالسريانية: يثرون، وهو أحد الأنبياء العرب الأربعة: وهم هود، وصالح، وشعيب، ومحمد -صلى الله عليه وسلم-.

{قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}:

{قَالَ يَاقَوْمِ}: نداء لطيف، استعمل فيه ياء النداء؛ التي تدل على البعد.

{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}: أطيعوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً، وامتثلوا أوامره، وتجنبوا نواهيه.

{قَدْ}: حرف تحقيق، وتوكيد.

{جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ}: معجزة، شاهدة، على صدق نبوَّتي.

والسؤال: ما هي هذه البيِّنة أو المعجزة؟ حتماً كانت هناك معجزة بيِّنة، ولم يذكرها الله سبحانه في القرآن، وقد تكون حالة السعة، والغنى التي كانوا فيها.

{فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ}:

{فَأَوْفُوا الْكَيْلَ}: الفاء: للتوكيد، أوفوا الكيل: أريد به آلة الكيل؛ أي: المكيال، أو سُمِّي ما يكال به بالكيل، {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ}.

وكان الإخلال في الكيل، والميزان هو الأمر الشائع فيهم، وكانوا يبخسون الكيل، والميزان حينما يبيعون، ويشترون.

{وَلَا}: الواو: عاطفة، لا: الناهية.

{تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}: البخس: النقص، ويقال: بخسته حقه: إذا أنقصته حقّه؛ بالمخادعة، والاحتيال في البيع، والشراء، أو إخفاء العيب، والغش؛ أيْ: لا تنقصوهم حقهم بالتلاعب بالكيل والميزان.

{وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}: والواو عاطفة، لا الناهية.

{وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ}: بالسرقة، والغصب، والرشوة، والاختلاس، وإهلاك الحرث والنسل، ومقومات الحياة، وارتكاب الفواحش. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٠٥)؛ لمزيد من البيان في معنى الفساد.

{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ}: إشارة إلى ما ذكر من عبادة الله وحده، والوفاء بالكيل، والميزان، وترك البخس، والإفساد في الأرض، والعمل بما أمر الله، وتجنب ما نهى عليه.

قال: {ذَلِكُمْ}: ولم يقل: ذلك؛ لتعدد الأوامر، والنواهي، وللتأكيد والأهمية يستعمل: {ذَلِكُمْ}.

{إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ}: إن كنتم مصدقين قولي، ومؤمنين بما أرسلت به.

{إِنْ}: شرطية؛ تفيد الاحتمال، والشك.

{مُّؤْمِنِينَ}: جملة اسمية؛ تفيد الإثبات.