للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النساء [٤: ١٤٣]

{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}:

{مُّذَبْذَبِينَ}: متردِّدين بين المؤمنين، وبين الكافرين؛ أي: الجانبين أقوى؛ لكي يميلون إليه.

{مُّذَبْذَبِينَ}: المذبذب: كالمعلّق في خيط متدلٍّ غير ثابت، تقذفه الريح من ناحية إلى أخرى.

أيْ: كالبندول: وهو رقَّاص الساعة (الذي نراه في الساعات القديمة).

وتدل الكلمة على التحرك والاضطراب، وعدم الاستقرار، وهذه هي حالة المنافق المضطرب نفسياً، لا يستقر على الكفر، أو على الإيمان.

أو المذبذب: مشتقة من ذب، ومذبة الذباب.

والمذبذب الذي يذب عن كلا الجانبين؛ فيحرك يده أمام وجهه يمنة ويسرة؛ كي يمنع عودة الذباب، وهذه حالة المنافق لا ينسب إلى المؤمنين، ولا ينسب إلى الكفار.

{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ}: ومن: الواو: استئنافية.

{وَمَنْ}: اسم شرط جوابه: فلن تجد له سبيلاً.

{يُضْلِلِ اللَّهُ}: الله سبحانه، لا يضل عبداً أبداً، بل يرسل الرسل والكتب، ويبين له طريق الهدى، وطريق الضلال، وميّزه بالعقل، وترك له الخيرة، فمن يصر على عدم الإيمان يتركه على ضلاله وعماه، والله قادر على أن يجبره على الإيمان قهراً، ولكنه -جل وعلا- لم يشأْ ذلك، وترك له حرية الاختيار؛ فإن اختار طريق الإيمان أعانه على ذلك؛ لقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: ١٧]. وأما إذا اختار طريق الضلال فتركه في تيه الضلال، وسيطرة الشيطان والهوى.

{فَلَنْ}: الفاء: للتوكيد. لن: حرف نفي، ونصب، واستقبال؛ لنفي المستقبل القريب والبعيد.

{فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}: أيْ: لا تجد لهدايته، وعودته إلى الإيمان {سَبِيلًا}: أيْ: طريقاً.

هذه الآية: {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ}:

ترسم صورة فنية رائعة للمنافقين الذين هم في اهتزاز، وعدم استقرار دائم في الدنيا، وأما في الآخرة فسوف يستقر بهم الحال في الدرك الأسفل من النار!!