للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النساء [٤: ٨٥]

{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتًا}:

{مَنْ}: شرطية للعاقل:

{يَشْفَعْ شَفَاعَةً}: الشفاعة: هي التوسط بالقول، أو الفعل (شفاعة إنسان لإنسان) في الوصول إلى منفعة دنيوية، أو أُخروية، أو إلى الخلاص من مضرة ومن دون أجر، أو عوض على القيام بالشفاعة، وسُمِّيَت شفاعة؛ لأن الشفيع يصير مع المشفوع له شفعاً؛ أيْ: زوجاً.

{شَفَاعَةً حَسَنَةً}: الوساطة في الخير، والإصلاح، والدعاء له، والحسنة: كل ما يسرُّ النفس، أو تستحسنه النفس. ارجع إلى الآية السابقة (٧٨)؛ لمزيد من البيان.

{يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا}: يكون للشافع نصيبٌ (قسطٌ)، أو حظٌّ جيدٌ من الأجر والثواب.

{وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِّنْهَا}:

شفاعة سيئة وساطة في فعل الشر أو بأن يؤيد باطلاً، أو يترك معروفاً، أو تكن في معصية الله، أو ظلم وجور، أو الوقوع في حدٍّ من حدود الله.

{يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِّنْهَا}: أيْ: أن يكون للشافع شفاعة سيئة كفلاً منها؛ أيْ: يكن له جزءٌ من جزء المشفع له على شفاعته السيئة.

ما هو الفرق بين النصيب والكفل؟

النصيب: هو الحظ الجيد من الأجر، ويستعمل النصيب مع الشفاعة الحسنة للترغيب، وهو يضاعف، بينما الكفل: لا يزيد، ولا ينقص، وإنما هو مساوٍ لها، والشفاعة الحسنة لا تكفيك للوصول إلى الغاية، فلا بُدَّ من القيام بنفسك بالأعمال الصالحة الأخرى بالإضافة إلى تلك الشفاعة الحسنة.

وهناك أنصبة (جمع نصيب) في العبادات القلبية، واللسانية، والبدنية، فكل عبادة تعطيك نصيب من الأجر.

الكفل: أكثر ما يستعمل في الشر، وقد يستعمل في الخير؛ كقوله: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَّحْمَتِهِ} [الحديد: ٢٨]، فإذا استعمل في الشر: كفل الشيء؛ أيْ: مثله تماماً، لا يزيد ولا ينقص، وجزاء السيئة سيئة مثلها، ولا نقول بعشر أمثالها مثلاً.

وهذه الشفاعة السيئة وحدها تكفي، وتكفل للشافع دخول جهنم، ولا يحتاج إلى شيء آخر، وهذا هو الفرق.

{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتًا}: كان تشمل كل الأزمنة، مقيتاً: مشتقة من قاته؛ أعطاه القوت، وهو الطعام، ولماذا أعطاه القوت؟ لكي يحافظ على حياته، إذن الله سبحانه يعطيهم ما يحفظ لهم حياتهم (فهو الحفيظ).

وإذا كان يعطي القوت؛ فهو (الرزاق)، والمطعم لمخلوقاته جميعاً.

إذن: مقيتاً قد تعني: الرزاق، والحفيظ.