للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ٢١٣]

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}:

{كَانَ}: فعل ماض.

{النَّاسُ}: ارجع إلى الآية (٢١) من سورة البقرة.

{أُمَّةً وَاحِدَةً}: الأمة: جماعة من النّاس تربطها عقيدة واحدة «دين واحد»، أو ملَّة، أو شريعة، أو مبادئ واحدة، ولا يهم الكم البشري، ولا الحيز الجغرافي، وكما روي عن ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون على شريعة من الحق.

{وَاحِدَةً}: أي: على دين واحد، أو على عقيدة واحدة، دين الإسلام والتوحيد والعبودية لله وحده، ما بين آدم -عليه السلام- ، ونوح -عليه السلام- ؛ أي: على «عبادة الله وحده».

{فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}: {فَبَعَثَ}: الفاء: للترتيب، والمباشرة، بعث: من البعث: ارجع إلى الآية (١١٩) من سورة البقرة، فبعث الله النّبيين بعد أن اختلفوا في التوحيد والعبودية وبعد أن انتشر الضّلال، والشّرك، وعبادة الأوثان، بعث الله النّبيين وعلى رأسهم نوح -عليه السلام- لهدايتهم؛ حيث أصبح أكثر النّاس من الضّالين، والمشركين فتوالى إرسال النّبيين وقبل الاختلاف لم يبعث.

{مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}: مبشرين لأهل الإيمان، ومنذرين لأهل الكفر، والعصيان، والمكذبين رسلهم، وما أنزل الله.

{وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}؛ أي: أنزل مع النّبيين الكتب السماوية، والكتاب: اسم جنس، ويشمل صحف إبراهيم، وموسى، وشيث، والزبور، والتّوراة، والإنجيل، والقرآن.

{بِالْحَقِّ}: الباء: للإلصاق؛ أي: بالشّرائع، والأحكام الّتي تهدي النّاس للحق، والصّراط المستقيم، وعبادة الله وحده.

{لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}: اللام في ليحكم: للتوكيد؛ أي: أنزلنا الكتب، والصّحف، والأنبياء، والأحكام، والشّرائع؛ لهداية النّاس، وليحكم بها النّاس فيما اختلفوا بينهم بين الحق والباطل، والحلال والحرام، والشّرك والتّوحيد، والهداية والضّلال؛ فجعلوا تلك الأحكام والشّرائع مصدر جديد؛ للاختلاف بينهم، وخلطوا بينها، وقلَّدوا آباءَهم، واتبعوا أهواءَهم، وحاربوا أنبياءَهم ورسلهم.

{وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ}: {وَمَا}: الواو: عاطفة، ما: النّافية، {اخْتَلَفَ فِيهِ}: «تعود على الحق، أو الكتاب»، من أحكام وشرائع، وفيه كلّ ما اختلفوا فيه من عقائد، وبدع، وعادات، وتقاليد، وفيه: قد تعود على محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وأنّه النّبي المبعوث الّذي ينتظرونه.

{إِلَّا}: أداة الحصر، {الَّذِينَ أُوتُوهُ}: وهم أهل الكتاب «بني إسرائيل وأتباع عيسى بن مريم».

{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}: «الآيات والأدلة الصادقة على نبوة محمّد، وأنّه هو النّبي المبعوث»، وما ذكر في التّوراة والإنجيل في نعته وصفته.

{بَغْيًا بَيْنَهُمْ}: أي: سبب هذا الاختلاف هو البغي؛ أي: الحسد، والحرص على الدّنيا.

{فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}: فهدى الله تعالى الّذين آمنوا؛ أي: أمة محمّد -صلى الله عليه وسلم- إلى الحق بإنزال القرآن، وإرسال محمّد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً، وهدى بعض أهل الكتاب أمثال عبد الله بن سلام من الّذين آمنوا كذلك.

{لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ}: هداهم بشأنّ عيسى -عليه السلام- ، وبشأنّ محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وبشأنّ القبلة وغيرها، فهم اختلفوا في الحق، وكان من المفروض عليهم أن لا يختلفوا فيه.

{بِإِذْنِهِ}: بأمره، ومشيئته. ارجع إلى الآية (٢٥٥) من نفس السورة.

{وَاللَّهُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}: الصّراط المستقيم: الدِّين الحق، دين التّوحيد، وعبودية الله دين الإسلام، والله يهدي من شاء، أو طلب الهداية إلى الصّراط المستقيم: وهو الطّريق المستقيم الموصل إلى الغاية بأقصر زمن، أو مسافة، ومن دون عائق، أو مشقة.