للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الصف [٦١: ٨]

{يُرِيدُونَ لِيُطْفِـئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}:

{يُرِيدُونَ}: اليهود وغيرهم من الذين أشركوا والكفار، ليطفؤوا نور الله ويريدون تدل على التجدُّد والتكرار.

{لِيُطْفِـئُوا}: اللام لام التّوكيد والتّعليل؛ أي: لأجل ان يطفئوا.

{نُورَ اللَّهِ}: هو دين الإسلام والقرآن.

{بِأَفْوَاهِهِمْ}: الباء للإلصاق وتدل على الملازمة، بأفواههم: أيْ: بتحريفهم للتوراة والإنجيل وأقوالهم وكتبهم وإذاعاتهم وإعلامهم ومحاضراتهم. أن يطفؤوا نور الله.

{وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ}: أيْ: والله مظهر دينه وشرعه في الآفاق، وناصر رسله وأوليائه، ومُعلي كلمته لا محالة، مثلهم كمثل الذي يريد أن يطفئ أشعة الشّمس بفيه، وهيهات أن يتم ذلك.

{وَلَوْ}: الواو للتوكيد، لو: شرطية.

{كَرِهَ الْكَافِرُونَ}: الكافرون: تدل على الفعل أو الحدث، ولم يقل: الكفار، الكفار تدل على الاسم وتشمل كلّ كافر، الكافرون أقل عدداً من الكفار.

ولا بُدَّ من مقارنة هذه الآية (٨) من سورة الصف: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِـئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، مع الآية (٣٢) من سورة التوبة: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِـئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}:

أولاً: والله متم نوره: جملة اسمية أقوى وأكد، وتدل على الثّبات من الجملة الفعلية، وهي قوله: أن يتم نوره، التي تدل على المستقبل والتّجدُّد والتّكرار، والله متم نوره: يعني: الأمر واقع لا محالة والأمر منتهٍ، لا تبديل لحكم الله بينما أن يتم نوره: أي: الأمر يقع الآن، ولا بُدَّ من إتمام في المستقبل.

ثانياً: ليطفئوا: في آية الصّف أن يطفئوا، في آية التوبة: اللام في ليطفئوا تدل على التّوكيد والتّعليل بينما أن يطفئوا أن تفيد الاستقبال.

وإذا رجعنا إلى السّياق نجد أن آية التّوبة جاءت في سياق اليهود والنّصارى الذين يقولون عزير ابن الله أو المسيح ابن الله والذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، وهم الذين حرفوا الكلم عن مواضعه، وبدلوا دين الله وأحلوا الحرام وحرموا الحلال، فهم يريدون بكلّ هذه الأفعال وغيرها أن يطفئوا دين الله بأفواههم، الآن وفي المستقبل بالزّيادة والنّقصان والتّحريف والتّزوير والتّبديل.

وأمّا السّياق في آية الصّف فجاء في سياق كفرهم برسالة محمّد -صلى الله عليه وسلم- ونبوته وحربهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهم لم يكتفوا بما فعلوه بالتّحريف والتّبديل والزّيادة والنّقصان في دينهم وفي التوراة. بل يريدون التّصدي لدين الإسلام ومحاربة رسوله، ولذلك أكد بالجملة الاسمية (متم اسم فاعل.) واللام في كلمة ليطفئوا نور الله، ارجع إلى سورة التوبة الآية (٣٢) لمزيد من البيان.