سورة الأنبياء [٢١: ١٠٤]
{يَوْمَ نَطْوِى السَّمَاءَ كَطَىِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}:
{يَوْمَ نَطْوِى السَّمَاءَ}: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: ٤٨]؛ أي: تبديلها أن تطوى، أو تطوى كي تبدل.
{نَطْوِى السَّمَاءَ}: كقوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧]، والسّماء تشمل السّموات السّبع.
{كَطَىِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}: أيْ: كطي الصّحيفة على ما كتب فيها (أو الصّحف على ما كتب فيها).
في ذلك اليوم نطوي السّماء كما نطوي السّجل للكتب (صحف أعمال العباد)؛ أيْ: نطوي كلاهما أو نطوي أحدهما كما نطوي الآخر، وطي السّماء تفسيره العلمي كما تشير الدراسات العلمية أن التمدُّد الكوني لن يستمر إلى الأبد من دون توقف.
وسوف تحدث تغيُّرات في القوى الذرية والكهرومغناطيسية وقوى الجاذبية تؤدِّي إلى توقف هذا التمدُّد لفترة زمنية بعدها تبدأ المجرات بالتقلص، ويحدث جذب داخلي لها، فتقترب من بعضها وتتداخل تدريجياً وتتسارع.
وهكذا ليعود الكون إلى الحالة الّتي كان عليها جرماً واحداً عندما حدث الانفجار الكبير، وهذا ما تشير إليه هذه الآية.
{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا}: أيْ: هذا الكون الّذي خلقه الله السّموات السّبع والأرضين السّبع بما فيها النّجوم والمجرات والشموس والأقمار والمذنبات وكل جرم سماوي أو أرضي، والّتي بدأت أو تشكلت بالانفجار العظيم الّذي ذكره الله سبحانه في سورة الأنبياء آية (٣٠) لهذا الجرم الصغير الهائل في المادة والطاقة، وتحول إلى دخان، خلق الله تعالى من هذا الدخان السّموات والأرض.
وكل الأجرام ستطوى وتحول مرة أخرى إلى جرم صغير متناهٍ في الطاقة والمادة.
وبعدها سوف يُفجِّر ربنا هذا الجرم من جديد يتحوَّل إلى دخان يخلق لنا ربنا منه سماءً جديدة وأرضاً جديدة أكبرَ بكثير من السّموات السّبع والأرض الحالية، حتّى تتسع للبلايين البشرية الّتي خلقها الله سبحانه من زمن آدم إلى يوم القيامة.
وسنبعث من هذه الأرض الجديدة الّتي فيها كلّ ذرات الأرض الحالية وبقايا البشر، أيْ: عجب الذنب الخاص بكل مخلوق والحاوي على صفاته الوراثية يبعث للحساب والجزاء.
{إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}: إنا للتعظيم، كنا فاعلين، أيْ: نُعيد الخلق بالبعث كما بدأنا أوّل مرة، فاعلين: قادرين على فعل ذلك ولا يعجزنا شيء.