{وَكَأَيِّنْ}: مركبة من: ك التّشبيه، وأي الاستفهامية، ومعناها: كم وتفيد التّكثير (مثل كم الخبرية) وتفيد الإبهام.
{مِنْ دَابَّةٍ}: من: الاستغراقية، الدّابة: كل ما يدب على الأرض، والدابة في العرف العام: كل ما يدب على الأرض إنسان وغير إنسان، وفي العرف الخاص تعني: كل كائن يدب على الأرض غير الإنسان، والدابة: اسم فاعل، ويغلب عليها غير العاقل، وتشمل الذكر والأنثى كقوله تعالى:{وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}[البقرة: ١٦٤] تشمل الإنسان وغيره، ولذلك يجب أن ننتبه إلى السياق في الآيات لندرك هل تشمل الإنسان والحيوان، أم الحيوان فقط، وفي هذه الآيات مثلاً الدابة تعني: الحيوان؛ أي: كلّ ما دبّ على الأرض من حيوان.
{لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا}: لا تدّخر طعامها أو شرابها الله يوفر لها طعامها؛ أي: يطعمها كلّ يوم.
{وَإِيَّاكُمْ}: عطف النّاس في الرّزق على الدّواب فقدّم ذكر الدّواب أولاً في الرّزق، مع أنّ الإنسان هو المكرم عند الله تعالى. لماذا هذا التقديم؟
لأنها لا تحمل رزقها (لا تدّخر طعامها ولا شرابها) إلى الغد أو الأيام القادمة فهي تتوكل على الله حق التّوكل أن يوفر لها طعامها وشرابها كلّ يوم، وأمّا الإنسان فهو يدّخر طعامه وشرابه؛ لأنّه يخاف ألا يرزقه الله تعالى، وتوكله على الله في الرّزق قليل، ولذلك قدّم من يتوكل عليه أكثر على من يتوكل عليه أقل، وإذا ظن أحدٌ أنّه يرزق أو يطعم أيّ دابة، فالله سبحانه يرزقها ويرزقكم بحسنتها.
وهو السّميع العليم: وهو ضمير فصل يفيد التّوكيد، المدبّر لأموركم والقيّوم على خلقه.
{السَّمِيعُ}: لأقوالكم حين لا ترزقون وحين ترزقون؛ أي: ما تدعونه، أو تشكرونه، أو لا تشكرونه، أو تقولون كما قال قارون:{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}[القصص: ٧٨]، أو {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ [أي: شكركم] أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}[الواقعة: ٨٢].
{الْعَلِيمُ}: بما في قلوبكم ومما تدّخرونه خوفاً من الجوع أو خشية الفقر، والعليم فيمن يتوكل عليه أو لا يتوكل عليه. العليم: صيغة مبالغة؛ أي: كثير العلم لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.