قال العلماء: جمع الله -جل وعلا- في هذه الآية مكارم الأخلاق.
{خُذِ الْعَفْوَ}: العفو له معانٍ عدة:
١ - الصفح.
٢ - ما زاد عن الحاجة؛ لقوله:{يَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَّفْعِهِمَا وَيَسْـئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}[البقرة: ٢١٩].
٣ - الأمر السهل اليسير.
وهذه المعاني الثلاثة تتضمن: اعفُ، واصفحْ عمن ظلمك، {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[الشورى: ٤٣]. وأقبل ما تيسر من أخلاق الناس، ولا تتبع عوراتهم، وما زاد عن الحاجة؛ يعني: ما زاد من المال؛ مثل: الزكاة، والصدقة، خذ إذا كنت أنت الفقير المحتاج، أو أعط إذا كنت أنت الغني الكريم. خذ الأيسر من التكاليف الشرعية، ويسِّر، ولا تعسِّر على الناس.
{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}: العرف شرعاً: هو ما تعارف عليه الناس، واطمأنوا إليه من قول، أو فعل، ولا يحتاج إلى إثبات، أو ما تعرفه العقول السليمة، ويوافقه الشرع.
{بِالْعُرْفِ}: الباء: للإلصاق، والعرف: قيل: المعروف، والمعروف: اسم جامع لكل خير، وما تعارف عليه الناس في عبادتهم، ومعاملاتهم.
{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}: الجهل له معانٍ؛ منها: عدم العلم بشرع الله، والجهل ضد الحلم؛ أي: السفاهة، والجاهل؛ تعني: غير العالم، والسفيه. ارجع إلى سورة الزمر آية (٦٤)، وسورة الفرقان آية (٦٣) لمزيد من البيان في معنى الجاهلين.
{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}: بعد العفو، والصبر على سوء أخلاقهم، وسفههم، والحلم عنهم، والدفع بالتي هي أحسن، ودعوتهم إلى الحق؛ فإن لم يستجيبوا، واستمروا في شرِّهم؛ عندها: أعرض عنهم، ولا تجادلهم، وهذا الخطاب موجَّه إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وإلى الصالحين.