للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأنعام [٦: ٣٤]

{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَّبَإِى الْمُرْسَلِينَ}:

هذه الآية تشير إلى سنة تكذيب الرسل كان أمراً شائعاً في الأمم السابقة، فما يحدث لك؛ إنما حدث لرسل من قبلك.

{وَلَقَدْ}: الواو: عاطفة. لقد: اللام: للتوكيد، قد: لزيادة التوكيد.

{كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}: كذبت: التاء: تاء التأنيث، تدل على الكثرة؛ أيْ: كثرة الرسل الذين كُذِبوا من قبل مجيئك؛ أيْ: هناك الكثير من الرسل الذين جاؤوا من قبلك، قد كُذِّبوا، ولو قال: كذب رسل من قبلك؛ لدلَّ ذلك على القلة؛ لأن مجيء الفعل بصيغة التذكير يدل على القلة، ومجيء الفعل بصيغة التأنيث يدل على الكثرة، كما قال تعالى في سورة يوسف، آية (٣٠): {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى الْمَدِينَةِ}.

{فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا}: الفاء: تفيد التوكيد.

{فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا}: ما: اسم موصول، أو مصدرية؛ أيْ: صبروا على الذي كذبوا، أو على تكذيب أممهم لهم، ولم يصبروا فقط، بل أيضاً أوذوا.

{وَأُوذُوا}: من قبل الكافرين، والمستكبرين، من الملأ من أقوامهم.

{حَتَّى}: حرف غاية؛ تعني: نهاية الغاية، ويعني: استمرار تكذيبهم وإيذائهم، حتى النهاية، وهي: {أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}.

{أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}: سواء كان بالنصر والغلبة، أو الفتح، ونجاة الرسل وأتباعهم الذين آمنوا بالله.

{أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}: أتاهم: تدل على السهولة، واليسر، وجاءهم: تدل على الصعوبة، والعسر، والمشقة وأتاهم؛ أيْ: نصرناهم بسهولة، ويسر، فكانوا هم الغالبين، والنصر: يكون بالعُدة والعتاد، والقوة، والقتال، أما الفتح: فيكون من دون قتال غالباً, وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (١١٠) في سورة يوسف وهي قوله تعالى: {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}: نجد أن جاءهم جاءت في سياق استيئس الرسُل وهي حالة أشد وأصعب بكثير في حالة الصَّبر على تكذيب الرسل {فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا} التي وردت في آية الأنعام.

{وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}: لا: نافية للجنس؛ أيْ: لا تغيير، ولا تبديل في وعد الله لرسله، ولعباده المؤمنين بالنصر، كما جاء في آيات كثيرة:

{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١].

{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ}: [الحج: ٤٠].

{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧].

{وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَّبَإِى الْمُرْسَلِينَ}:

{جَاءَكَ}: أخبرناك، وقصصنا عليك، واستعمل جاء بدلاً من أتاك؛ لأن أنباءَهم كانت شديدة ومرعبة.

{مِنْ نَّبَإِى}: من: ابتدائية، أو بعضية، من بعض أنباء: والنبأ: هو الخبر العظيم، المهم؛ أيْ: أخبرناك، أو أطلعناك على أنباء الرسل المهمة في هذا القرآن كيف نصرناهم، ونجيناهم، وكيف دمرنا الذين كذبوا برسلهم.

{الْمُرْسَلِينَ}: تشمل الأنبياء والرسل.