سبب النّزول: نزلت في شأن عبد الله بن أُبَيٍّ زعيم المنافقين؛ حين مرض جاء ابنه عبد الله بن عبد الله بن أُبَيٍّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الّذي أسلم، وحسن إسلامه طالباً من رسول الله أن يعطيه قميصه حتّى يكفن فيه أباه؛ فأعطاه ثمّ سأله أن يصلي عليه؛ فقام ليصلي عليه، ويستغفر له عندها وقف عمر بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقبلة؛ حتّى لا يصلي، ونزلت هذه الآية؛ كما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- . أخرجه البخاري.
ووافق الوحي موقف سيدنا عمر -رضي الله عنه- في عدم الصّلاة على عبد الله بن أُبَيٍّ، وكذلك وافق الوحي سابقاً رأي سيدنا عمر -رضي الله عنه- في أُسارى بدر، ووافقه في اتخاذ مقام إبراهيم مصلى؛ حيث كان يقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى. أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس.
{وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}: كان إذا دفن الميت، وقف على قبره، ودعا له، أو السّلام عليه، أو الوقوف على القبر لدفنه؛ فمُنع في هذه الآية أن يقيم على قبر أيِّ منافق ويدعو له.
{إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}: إنّهم: إن: للتوكيد؛ كفروا بالله ورسوله؛ هذا تعليل للنهي، ولم يقل: وماتوا وهم كافرون، وماتوا وهم فاسقون، وصفهم بالفسق بعد أن وصفهم بالكفر؟؟ والكفر أعظم من الفسق؛ فكيف يكفر، ثمّ يموت وهو فاسق؟
إذا قلنا: كفروا بالله ورسوله؛ أيْ: هم غير مسلمين أصلاً، وفاسقون؛ أيْ: خارجون عن الإسلام، ولم يتوبوا، وماتوا وهم على ذلك، وقد تعني: ذكر الخاص بعد العام، العام: هو الكفر، والفسق: هو الخاص.