للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة سبأ [٣٤: ٤٦]

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}:

بعد أن نبّه كفار قريش لما حدث لمن سبقهم من المكذبين من العقاب أو الهلاك، يعود ليخاطبهم عن طريق نبيهم:

{قُلْ}: قل لهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-.

{إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}: أي بموعظة واحدة، واستعمل (إنما) وهي كافة مكفوفة تفيد الحصر أو القصر؛ أي: لا أعظكم إلا بواحدة فقط، وما هذه الموعظة؟

{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ}: أن للتعليل، تقوموا لله؛ أي: تتجرّدوا من كلّ هوى وشهوة واستعلاء وتقوموا مخلصين لله؛ أي: تقوموا بالعدل والقسط، وعند ذلك تعلمون الحق وأنّه ليس به جِنَّة؛ أي: برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

{مَثْنَى وَفُرَادَى}: أي تقوموا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثنى أو فرادى واحداً واحداً أو اثنين اثنين.

{ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}: وليتفكر كلّ واحد منكم وحده، أو ليخلو بغيره اثنين اثنين فيتفكروا ليصلوا إلى الحق، والقيام هنا قيام تفكر، وتتفكروا بموضوعية وتجرّد من الهوى في أمر محمّد -صلى الله عليه وسلم- كيف كان فيكم وسيرته وأخلاقه، وهل علمتم كذباً عليه، وهل كان ساحراً أو كذاباً أو كاهناً أو فيه علامات من الجنون.

{مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}: ما: النّافية قوله تعالى: ما بصاحبكم، إشارة إلى أنّهم صاحبوه وعرفوا أحواله وعقله وأمانته بالصّحبة الطّويلة قبل أن يصبح رسولاً إليكم، من جنّة: من استغراقية، جنّة: أي ما به من أيّ علامة من علامات الجنون.

{إِنْ هُوَ}: إن نافية؛ أي: ما هو، هو ضمير فصل يفيد التّوكيد.

{إِلَّا}: أداة حصر.

{نَذِيرٌ لَكُمْ}: نذير من الإنذار وهو الإعلام والتّحذير؛ أي: منذر لكم محذّركم خاصة.

{بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}: عذاب قادم في الآخرة بين يدي: يدل على قرب العذاب، وقد يعني السّاعة أو يوم الحساب كقوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء: ١].