للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الأعراف [٧: ٢٠٠]

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}:

هذه الآية تتمة للآية السابقة، والتقدير هو: خذ العفو، وأْمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلية.

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}:

{وَإِمَّا}: الواو: استئنافية. إن: الشرطية زائدة. ما: للتوكيد.

إن: الشرطية تفيد الاحتمال، أو الندرة في الحدوث.

{يَنْزَغَنَّكَ}: فيها نون التوكيد، والكاف: للخطاب، والنزغ: أي: النخس، أو الغرز، أو النغز: والنزغ: مشتق، أو مأخوذ من إدخال الإبرة، أو طرف العصا في الجلد، أو وضع شيء بارز في الحذاء؛ مثل: حديدة كي تحث الحيوان على السير بسرعة.

والنزغ في اللغة: الإفساد بين الناس، كما قال يوسف -عليه السلام- : {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى} [يوسف: ١٠٠].

والنزغ قيل: هو الإهاجة التي تثير الغضب، ونهاية النزغ: هي البغضاء.

{مِنَ الشَّيْطَانِ}: من: لابتداء الغاية. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٣٦)؛ للبيان.

{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}: اطلب العون من الله؛ أي: استعن بالله، والجأ إليه؛ فهو الحفيظ، والملجأ، فالشيطان قوي، وخفي، فلا تستعين إلَّا بمن هو الأقوى، وهو الله سبحانه؛ فهو القادر على تعطيل عمل الشيطان.

{إِنَّهُ سَمِيعٌ}: لأقوال الجاهلين.

{عَلِيمٌ}: عليم بأحوالهم، لا يخفى عليه شيء من أفعالهم، ونواياهم.

ولا بُدَّ من مقارنة هذه الآية، مع الآية رقم (٣٦) من سورة فصلت.

في سورة الأعراف، الآية (٢٠٠): {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

وفي سورة فصلت، الآية (٣٦): {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}: نجد في آية الاعراف قال تعالى: {إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، وفي فصلت قال تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أضاف هو+ آل التعريف هناك عدة تفسيرات منها: آية الأعراف نزلت أولاً، أو فصلت نزلت ثانياً.

التفسير الثاني: في آية سورة الأعراف لم يؤكد بضمير الفصل (هو)؛ لأن الإعراض عن الجاهلين أسهل من مقابلة السيئة بالحسنة، والإحسان إلى من أساء إليك، أو المسيء.

التفسير الثالث: في آية سورة فصلت أكَّد -عز وجل- بضمير الفصل (هو)، وعرف بالسميع العليم؛ جاءت الصفتان معرفتان؛ لأن مقابلة السيئة بالحسنة أصعب على النفس.

في آية سورة الأعراف: وصف نفسه سبحانه بأنه سميع عليم، بعد ذكر الآيات التي تصف الأصنام التي يعبدونها؛ بأنها لا تسمع، ولا تبصر، ولا تقدر على الخلق، ووصف سبحانه نفسه بأن سميع عليم من دون أل التعريف، وضمير الفصل مقابل تلك الآلهة التي لا تسمع، ولا تعقل، ولا تعلم، فلا داعي للتعريف، والتوكيد.

بينما في آية سورة فصلت: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}: آيات فصلت: جاءت في سياق الذين ظنوا أن الله لا يعلم كثيراً مما يعلمون؛ أيْ: نفوا عن الله كثيراً من العلم، فبيَّن لهم الحق، وأكَّد لهم أنه هو السميع العليم، المختص بالعلم الكامل، والسمع الكامل، ولو قال -جل وعلا- : (الله السميع العليم)؛ لكان ذلك يعني: أنه هو فقط السميع العليم، وغيره لا يسمع، ولا يعلم، وهذا نفي للإنس، والجن، والملائكة الذين وصفهم بالسمع والعلم.