للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الرعد [١٣: ٦]

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ}:

المناسبة: بعد أن ذكر إنكارهم للبعث، وتكذيبهم للحساب، والجزاء؛ يذكر صفة أخرى لهم هي: استعجالهم بالعذاب؛ فيقول:

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ}: الاستعجال: أن تطلب الشّيء قبل حلول، أو مجيء زمنه، ولكلّ غاية زمن فإذا حاولت أن تصل إليها قبل زمنها؛ فهذا استعجال.

{بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ}: الباء: للإلصاق، والتّوكيد، والسّيئة هنا: العقوبة، والعذاب، وتعريفها: كلّ ما يسيء للنّفس بشكل عام؛ فهم يستعجلون بالعذاب؛ أي: أن يُنزل عليهم؛ لأنّهم ينكرون وقوعه، ولا يؤمنون بالبعث، ولا بالعذاب في الآخرة، ولا بالرّسل، ولا بجنة، ولا بنار، أو أي: إنذار.

{قَبْلَ الْحَسَنَةِ}: إنّ أي إنسان عاقل يستعجل للحصول على الحسنة أوّلاً؛ فهم؛ لفساد عقولهم، وعدم إيمانهم عكسوا الآية؛ فطلبوا السّيئة قبل الحسنة. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٠١)؛ لمزيد من البيان في معنى الحسنة.

{وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ}: قد: للتحقيق، والتّوكيد.

{خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ}: خلت: مضت وسبقت.

{الْمَثُلَاتُ}: العقوبات، جمع مَثُلة: وهي العقوبة الفاضحة الّتي تنزل بالإنسان بسبب جريمته؛ سميت مَثُلة: لكون العقاب يماثل الجريمة، أو العقاب على قدر الجريمة، أو سميت مَثُلة؛ لأنّ صاحب الجريمة بعد عقوبته يصبح عبرة لغيره، فيرتدع الغير به؛ أي: مضت عقوبات أمثالهم من المكذبين، فلماذا لم يرتدعوا ويعتبروا، ويخافوا؟

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}: وإنّ: للتوكيد.

{رَبَّكَ لَذُو}: لذو: اللام: للتوكيد، والتّعليل.

{مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ}: أي: مالك المغفرة، أو القادر على أن يغفر أو لا يغفر؛ أي: يستر ذنوبهم، ولا يعاقبهم عليها؛ يغفر لهم، ويثيبهم على حسناتهم رغم ظلمهم إذا تابوا وأنابوا إليه. وإذا قارنا لذو مغفرة مع قوله تعالى {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: ٥٦] تعني: المستحق لأن يكون صاحب المغفرة.

{عَلَى ظُلْمِهِمْ}: جاء بعلى: للاستعلاء؛ أي: أن ظلمهم يقتضي العقوبة، ولكن رحمة الله ومغفرته بهم أنه يؤخر عنهم العذاب؛ لعلهم يتوبوا وينيبوا إليه.

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ}: إنّ: للتوكيد.

{لَشَدِيدُ الْعِقَابِ}: لشديد: اللام: للتوكيد؛ لشديد العقاب: كما هو لذو مغفرة. ولمعرفة معنى العقاب: ارجع إلى سورة البقرة، آية (١٩٦).