سورة الزمر [٣٩: ٧١]
{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}:
{وَسِيقَ}: من السّوق: وهو الحث على السّير بعنف وشدة والسّائق هم الملائكة، يسوقون الّذين كفروا.
{الَّذِينَ كَفَرُوا}: بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولم يقل: بربهم: حذف ذكر ربهم؛ لأنهم لا يستحقون أن تضاف إليهم كلمة ربهم، وكلمة الرّب تحمل معنى المحبة والأمن والتّشريف، والربوبية: فيها معنى الرعاية، والرحمة، والتكريم، فهم لا يستحقون ذلك.
{إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}: إلى جهنم: ارجع إلى الآية (٣٢) من نفس السورة لبيان معنى جهنم. الزّمرة الجماعة القليلة. زمراً: تعني: جماعات بعضها في أثر بعض. يتلو بعضها بعضاً: جماعة المشركين، جماعة الظّالمين، جماعة الكافرين، جماعة المجرمين، المنافقين، تاركي الصّلاة.
{حَتَّى}: حرف نهاية الغاية.
{إِذَا}: ظرفية زمانية شرطية.
{جَاءُوهَا}: وصلوا إلى جهنم أو قدِموا إليها.
{فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}: جواب الشّرط: أيْ: فتحت بعد أن كانت مغلقة ففتحت ليدخلوها، كما هو الحال في السجن الذي أبوابه مغلقة ثم تفتح لدخول المجرمين.
{وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}: قال لهم خزنة جهنم: اللام لام الاختصاص، لهم خاصة وليس لغيرهم.
{أَلَمْ}: الهمزة همزة استفهام تقريع وتوبيخ.
{يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ}: أيْ: يأتكم رسل من جنسكم تعرفونهم ويعرفونكم.
{يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ}: يتلون من التّلاوة والتّلاوة مقيدة بأن تكون من الكتب المنزلة كالقرآن والتّوراة والإنجيل… وتلا يعني: قرأ، وتكون تلاوة من كتاب أو عن حفظ.
ولم يقل: يقصون عليكم آيات ربكم؛ لأن يقصون تشمل ما أنزل من الكتب، وما لم ينزل من غير كتاب وقصَّ أعم من تلا، كما قال تعالى: {يَابَنِى آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى} [الأعراف: ٣٥] وبني آدم تعني الكل الجن والإنس، وكذلك: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِى} [الأنعام: ١٣٠]، وتعني الجمع، أما آية الزمر: فتعني قسم قليل من أولئك؛ أي: جماعة من كفرة المسلمين، أو غيرهم من أصحاب الكتب.
{وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}: الإنذار يعني: الإعلام مع التّحذير والتّخويف من شر يومكم هذا، أيْ: يوم القيامة ينذرونكم حتّى تستعدوا بالتّقوى بالإيمان والعمل الصالح. وأكد الإنذار بزيادة النّون في ينذرونكم ولم يقل: ينذروكم.
{قَالُوا بَلَى}: أيْ: أتونا وتلوا علينا.
{وَلَكِنْ}: للتوكيد والاستدراك.
{حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}: حقت: وجبت كلمة العذاب على كلّ من كفر وأشرك بالله، وقيل: كلمة العذاب: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: ١٣].
فهم اعترفوا بذنوبهم.