المناسبة: بعد ذكر الدلائل على عظمته وقدرته ووحدانيته، وقدرته على البعث وتغيير الخلق، يذكر طرفاً مما سيحدث يوم القيامة.
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}: الساعة هي آخر ساعة من ساعات الدنيا ساعة تهدُّم النظام الكوني، وهي تقوم وتحدث بغتة ولا يعلمها إلا هو سبحانه، فلم يطلعها على ملكٍ ولا رسول؛ أي: زمن قيامها.
{يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ}: يقسم الكافرون أو المشركون أو العاصون. المجرمون: جمع مجرم، وأجرم فلان؛ أي: أذنب وخالف القانون، والفعل الّذي قام به يسمى جريمة. ارجع إلى سورة الأنفال آية (٨) للمزيد في معنى المجرمون. والقسم في القرآن يأتي في سياق الصدق، أما الحلف في القرآن فيأتي في سياق الكذب؛ أي: حين يرون أحداث الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة.
{مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}: أي يقسموا ما لبثوا أو مكثوا طويلاً في الدّنيا غير ساعة: فقط ساعة، أو قيل: في قبورهم، وهو قسم صادق؛ لأنهم صادقون في شعورهم. ما لبثوا: ما: النّافية، واللبث يدل على الإقامة المحددة بزمن معين، (غير ساعة) غير: تفيد الاستثناء، و (الساعة) تعني: مقدار ساعة من ساعات اليوم؛ أي:(٦٠) دقيقة مقارنة بالآخرة، ورغم كونها ساعة لم يستفيدوا منها وينقذوا أنفسهم من جحيم الآخرة.
{كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}: أي: مثل ذلك، أو كذلك؛ أي: كهذا الكذب؛ أي قولهم:(ما لبثوا غير ساعة) كانوا يؤفكون في الدّنيا: يصرفون عن الحق، ويكذبون بالرسل وبآيات ربهم، وبالبعث والحساب والجزاء، والإفك: هو الكذب المتعمد، أو قلب الحقيقة أو الصرف عن حقيقة الشيء.