سورة النور [٢٤: ٤٥]
{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُم مَنْ يَمْشِى عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَنْ يَمْشِى عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَنْ يَمْشِى عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}:
والدّليل أو البرهان الرّابع على قدرة الله وعظمته يتمثل في ظاهرتين: الماء والمشي.
{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}: تعريف الدّابة: كلّ ما يدب على الأرض بما فيها الإنسان والحيوان، حتّى النّملة وما يشبهها له دبيب.
من ماء: من ابتدائية استغراقية تشمل كلّ دابة، وتختلف نسبة الماء في تركيب هذه الدّواب فقد تصل إلى نسبة عالية (٧٠) بالمئة أو أكثر، وقد تصل إلى نسبة ضئيلة جداً كما هو الحال في السّمك مثلاً، وكما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ} [الأنبياء: ٣٠]. وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: ١٢]، والطين يعني: التراب+ الماء.
{فَمِنْهُم مَنْ يَمْشِى عَلَى بَطْنِهِ}: فمنهم تعود على الدّابة، من يمشي: المشي هو الانتقال من مكان إلى مكان آخر ولو بعدّة خطوات أو سنتيمترات أو أقل من ذلك أو أكثر، وإذا امتد المشي وطال يسمى السّير، والسّير: يستعمل للسفر والتّجارة.
يمشي على بطنه: كالزّواحف والحيّات بدون أرجل.
{وَمِنْهُم مَنْ يَمْشِى عَلَى رِجْلَيْنِ}: الإنسان وبعض الحيوانات.
{وَمِنْهُم مَنْ يَمْشِى عَلَى أَرْبَعٍ}: ومن يمشي على بطنه أعجب ممن يمشي على رجلين ممن يمشي على أربع بدأ بالأصعب إلى الأسهل.
انتبه في هذه الآية إلى عدة أمور:
١ - التّدرج من المشي على البطن إلى المشي على رجلين إلى المشي على أربع، التّدرج من الأعلى تعقيداً إلى الأقل؛ فالّذي يمشي على بطنه أعجب من الّذي يمشي على رجلين، والذي يمشي على رجلين أعجب من الّذي يمشي على أربع؛ لإظهار قدرته سبحانه وعظمته على الخلق بكل أنواعه وليس هو ترتيباً مبنياً على الجنس.
٢ - استعمل من للعاقل فقال: (ومنهم من يمشي) وكرر ذلك (ومنهم من يمشي) ولم يستعمل (ما) وغلب ضمير العقلاء على البقية.
{يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}: يدخل فيها ما يمشي على أكثر من أربع أرجل أو غيره من أنواع المشي.
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}: إنّ للتوكيد.
قدير: صيغة مبالغة: كثير القدرة؛ فقد خلق الله أكثر من (٨, ٧ مليون) سلالة من الحيوانات في الأرض. ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٠) لمزيد من البيان.