السّؤال هنا: ما سرُّ الانتقال من الحديث عن غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة إلى مخاطبة الرّسول -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه على النّفقة والحياة الدّنيا وزينتها.
السّر هو أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال بعد غزوة الأحزاب وهزيمة الكفار لن يغزونا بعد عامهم هذا، بل نغزوهم وبعد أن بشَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بفتح بلاد كسرى وفارس وكون المسلمين أخذوا من غنائم بني قريظة وأموالهم وأرضهم وديارهم، فزوجاته رضي الله عنهنَّ أمّهات المؤمنين طلبن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يوسع عليهن في النّفقة فجاءت هذه الآيات رداً على طلبهنَّ.
{يَاأَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لِّأَزْوَاجِكَ}: ياء النّداء والهاء للتنبيه، قل لأزواجك: اللام لام الاختصاص. يا أيها النبي: نداء عام إلى النبي وبشأن خاص به، ولكنه لا يتعلق بالدعوة والتبليغ لم يقل يا أيها الرسول؛ ارجع إلى الآية (١) من نفس السورة لمعرفة الفرق بين يا أيها النبي ويا أيها الرسول.
{إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}: إن: شرطية تفيد الاحتمال أو النّدرة بدلاً من قوله: إذا كنتن الّتي تفيد الحتمية والكثرة، الحياة الدّنيا: من طعام وشراب وملبس وحلي وزينة ومتاع.
{أُمَتِّعْكُنَّ}: أعطيكن ما يحق لكن من المهر المؤخر.
{وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}: التّسريح، أي: المفارقة ويعني: الطّلاق، وسراحاً جميلاً من دون مشادة أو غضب أو انتقام وبكلّ رأفة ورحمة ومن دون تجريح وبُغض ومشاحنة وخصومة.
واستعمال إن كنتن تردن الحياة الدّنيا: إشارة إلى عدم المبالغة في الاهتمام بها فالأمر لا يعدو أن يكون مجرَّد سؤال نادر، ونساء النّبي كنَّ تسعة في ذلك الحين خمس من قريش: عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي أمية، وأربعة من غير قريش صفية بنت حيي بن أحطب، جويرية بنت الحارث من بني المطلق، ميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش من بني أسد.