للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الكهف [١٨: ١٩]

{وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}:

{وَكَذَلِكَ}: ولم يقل: ثم بعثناهم، وإنما قال: وكذلك بعثناهم؛ أي: كما ضربنا على آذانهم، وأنمناهم وحفظناهم أحياء لثلاث مائة سنين، وتسع؛ فهم لم يموتوا، وإنما ناموا؛ كذلك بعثناهم؛ أي: آية نومهم تشبه آية بعثهم كلاهما يدل على عظمة الخالق.

{بَعَثْنَاهُمْ}: أيقظناهم من نومهم بعد (٣٠٩ سنين).

{لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ}: ليتساءلوا: اللام: لام التّعليل؛ يسأل بعضهم بعضاً.

{قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ}: كم: استفهامية، وتستعمل للسؤال عن العدد، وهناك كم الخبرية؛ كقوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ} [يس: ٣١].

أي: سأل سائل منهم كم لبثتم: اللبث: الإقامة المحدودة بزمن محدد؛ أي: كم مر علينا من الزّمن في نومنا، أو كم استغرقنا في نومنا.

{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}: قال بعضهم: يوماً أو بعض يوم؛ لأنّهم شاهدوا أن شعرهم، وشكلهم، وهيئتهم لم تتغير كثيراً.

{قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ}: وألهم الله بعضهم الآخر للإجابة بالقول ربكم أعلم بما لبثتم، ودعونا من هذا السّؤال نريد أن نأكل:

{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ}: الوَرِق: العملة من الفضة مضروبة، أو غير مضروبة؛ فهم لا يزال معهم دراهم من الفضة؛ الوَرِق: الفضة.

{إِلَى الْمَدِينَةِ}: لم يذكر اسمها؛ لأنه ليس مهم.

{فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا}: أزكى: أي: الحلال الطّيب الجيد، أو الأبعد عن الحرام.

{فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ}: فليأتكم: الفاء: للترتيب، والمباشرة.

{بِرِزْقٍ مِّنْهُ}: بطعام (الطّعام رزق).

{مِّنْهُ}: من: البعضية؛ أي: من بعضه.

{وَلْيَتَلَطَّفْ}: اللام: للتوكيد؛ ليذهب، ويأتي بالطّعام لنا بلطف وخفاء؛ ليتلطف في المعاملة؛ أي: يحاول جهده أن يكون لطيفاً ممن يشتري منه؛ فهم ما زالوا على حذر، وخوف من قومهم الّذين ليسوا على ملتهم، أو شريعتهم، وأنّهم يلاحقونهم، ويبحثون عنهم، هكذا ظنوا أنّهم لا زالوا في زمنهم قبل (٣٠٩ سنة).

{وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}: ولا: لا: النّاهية.

{يُشْعِرَنَّ}: النّون: نون التّوكيد.

{وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}: أي: لا يخبرن، أو لا يطلعن أحداً بمكانكم، ولا يفعل، أو يقول شيئاً يؤدي إلى الشّعور بنا؛ سواء أكان بغير قصد أم الخطأ.