وكما أنّ الكفار والمشركين يعترفون ويقرّون بأنّ الله هو الخالق، ثمّ يشركون به ويعبدون غيره وينصرفون من الحق إلى الباطل، وكذلك هذه حالهم عندما يركبون في الفلك يعلمون أنه لا ينقذهم ولا ينفعهم إلا الله وحده فيدعونه فينقذهم وبعد ذلك يشركون به، فذرهم يكفروا بكل هذه الآيات ويتمتعوا بدنياهم وكذلك بنعمة الأمن في الأوطان ولا يروا أنّا جعلنا لهم حرماً آمناً ويُتخطف النّاس من حولهم، فهؤلاء مأواهم جهنم، ومن جاهد في سبيل الله سوف يزيده هدى ويكون مع المحسنين وفي جنات النّعيم.
{رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ}: السّفينة، وتطلق على المفرد وعلى الجمع كما في قوله: ويصنع الفلك (وكان نوح يصنع سفينة واحدة) وجاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كلّ مكان وظنوا أنّهم أحيط بهم.
{دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}: دعوة اضطرار دعوا الله وحده مخلصين له صادقي النّية في دعائهم، لا يدعون إلا إياه؛ لأنّهم يعلمون لا أحد يستطيع أن يكشف عنهم البلاء إلا الله تعالى.
{فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ}: الفاء تدل على المباشرة، نجّاهم: ولم يقل أنجاهم.
نجّاهم؛ أي: نجّاهم ببطء أو استغرقت نجاتهم زمناً؛ كي يتضرعوا ولا ينسوا ما حدث لهم، وأمّا أنجاهم تعني بسرعة.
{إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}: إذا ظرفية زمانية تفيد الفجأة.
أي: عادوا إلى شركهم وظلمهم ونسوا ما كان يدعون من قبل، يشركون: بصيغة المضارع؛ لتدل على تجدد شركهم وعودته.