للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة طه [٢٠: ١٥]

{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}:

{إِنَّ السَّاعَةَ}: إنّ: للتوكيد. السّاعة: ساعة، أو لحظة تهدُّم النّظام الكوني الحالي، وسمي بالسّاعة؛ لأنّها تأتي بغتة في ساعة، والسّاعة جزء من الزّمان، من قبيل إطلاق الجزء على الكلّ.

{آتِيَةٌ}: ولم يقل: لآتية، كما في سورة الحجر، الآية (٨٥) التي جاءت في سياق مخاطبة قريش أكد بأن واللام، ولم يقل: آتية لا ريب فيها، كما في سورة الحج الآية (٧) التي جاءت في سياق إنكار البعث أكد بأن ولا ريب فيها، أو: لآتية لا ريب، كما في سورة غافر الآية (٥٩) التي جاءت في سياق منكري البعث والحساب، والذين يجادلون في آيات الله، فأكد بأن واللام ولا ريب فيها ثلاث توكيدات؛ أما في آية سورة طه: لم يؤكد لا بلام، ولا بإضافة: لا ريب فيها، أو كلاهما معاً؛ لأنّ الله سبحانه يكلم موسى، وموسى أصبح رسولاً ونبياً، فلا يحتاج إلى توكيد؛ لأنّه مؤمن بالله سبحانه وبالبعث وبالسّاعة.

وأما السياق في آية غافر: فهو في الذين يجادلون في آيات الله، وينكرون الساعة، فلذلك أكد بإن واللام في كلمة (لآتيه، ولا ريب فيها) ثلاث توكيدات.

وأما في سورة الحجر: فالسياق في خلق السموات والأرض.

وأما في سورة الحج: فالسياق في تعداد الآيات الدالة على قدرة الله تعالى.

وأما في آية الكهف: فهو لا يتحدث عن قيام الساعة؛ أي: نهاية الكون، وإنما عن ساعة قيام الفتية من نومهم؛ أي: بعثهم بعد (٣٠٩سنة) لنقارن هذه الآيات معاً:

ففي سورة الحجر آية (٨٥) قال تعالى: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ}: أكد بإن واللام.

وفي سورة طه آية (١٥) قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ}: أكد بإن.

وفي سورة الحج آية (٧١) قال تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا}: أكد بأن واللام ولا ريب فيها.

وفي سورة غافر آية (٥٩) قال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا}: أكد بإن واللام ولا ريب فيها.

وفي سورة الكهف آية (٢٠) قال تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}: بدون آتية أو لآتية.

{أَكَادُ أُخْفِيهَا}: لها معنيان: الأوّل: أسترها ولا أخبر بها أحداً.

الثّاني: أي: أظهرها، أو أزيل إخفاءها؛ أي: أظهر علاماتها الصّغرى والكبرى، فلم تعد خافية إلا وقت وقوعها. أكاد: من أفعال المقاربة هنا؛ تعني: زمن وقوعها.

{لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}: لتجزى: اللام للتعليل.

{بِمَا}: الباء: للإلصاق، ما: اسم موصول، أو مصدرية.

{تَسْعَى}: أي: تعمل، أو تكسب؛ أي: تقوم به من خير، أو شر، والسّعي: الحركة والعمل بجد.