للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة التحريم [٦٦: ٤]

{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}:

{إِنْ}: شرطية تفيد الاحتمال أو القلة، والجواب محذوف تقديره: كان خيراً لكما.

{تَتُوبَا}: الخطاب إلى عائشة وحفصة: تتوبا من التعاون على إيذاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقول والفعل. والقائل: إن تتوبا؛ هو الله سبحانه وتعالى.

وشروط قبول التوبة: التوبة تكون بالعودة إلى الله، والإنابة إليه، والإقلاع عن الذنب. ارجع إلى سورة النساء آية (١٨) لمزيد من البيان في معنى التوبة.

{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}: فقد: الفاء للتوكيد، قد للتحقيق، صغت قلوبكما: زاغت قلوبكما عن الإخلاص لله ولرسوله وانحرفت أو مالت (من الميل) عن الحق.

ولم يقل قلباكما بالتثنية؛ لأن كل قلبين جماعة؛ لأن كل اثنين فما فوقهما جماعة كما قال تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: ١١]، وكما قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] (جمع يد) بدلاً من يديهما (مثنى)، ولا ننسى القاعدة النحوية إذا أضيف المثنى إلى متضمنه فالأفصح جمع المضاف.

{وَإِنْ}: شرطية تفيد الاحتمال والندرة.

{تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}: الخطاب لحفصة وعائشة؛ أي: تتعاونا على إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فعل ما يسوء إليه، وحذفت إحدى التاءين؛ أي: تتظاهرا عليه؛ أي: ولو بأقل أو أخف التظاهر أو التعاون.

{فَإِنَّ}: الفاء رابطة لجواب الشرط، إن: للتوكيد.

{هُوَ}: ضمير فصل لزيادة التوكيد.

{اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}: مولاه: أي وليّه ومعينه ومساعده.

{وَجِبْرِيلُ}: عليه السلام.

{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}: أمثال أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة، وقيل: تشمل كل من آمن وعمل صالحاً.

حذف الواو ولم يقل وصالحوا المؤمنين، صالحوا المؤمنين: تعني فقط الجمع ولا تشمل الإفراد والتثنية.

أما: صالح المؤمنين: تعني الواحد والاثنين والجمع وأكثر (عامة). أو يعني واحداً أريد به الجمع؛ لأن الصالح يمثل الجمع، والجمع يمثل الواحد، وهناك من قال أنها ترجع إلى رسم المصحف.

{وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}: أي أعوان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وظهير بالإفراد والجمع: ظهراء؛ أي: كل واحد ليشمل الكل؛ لأن ما كان على وزن فعيل يستوي فيه الواحد والجمع.

ودخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ابنته حفصة بعد أن سمع ما حدث وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّم ما حرّم، فقال عمر: والله لتنتهي أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكن، فنزلت هذه الآية. كما أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه.