سورة الحديد [٥٧: ١]
[سورة الحديد]
ترتيبها في القرآن (٥٧) وترتيبها في النزول (٩٤) ومن المعجزات العددية أنّ رقم سورة الحديد في القرآن (٥٧) والوزن الذّري لمعدن الحديد هو (٥٧) أيضاً.
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}:
{سَبَّحَ لِلَّهِ}: التّسبيح هو تنزيه الله تعالى تنزيهاً كاملاً من كلّ نقص وعجز وعيب وولد وشريك وندّ ومثيل تنزيهاً لذاته فلا ذاتاً مثل ذاته، ولصفاته فلا صفة مثل صفاته، ولأفعاله فلا فعلاً مثل أفعاله, تنزيهاً مطلقاً ليس مرتبطاً بزمان ولا مكان.
والتّسبيح لا يكون إلا لله وحده فلا يوجد غيره تعالى ليُسبَّح, والتّسبيح أمر ثابت لله تعالى في الماضي والحاضر والمستقبل, والتّسبيح هو نوع من أنواع الذّكر، فكل تسبيح هو ذكر وليس كلّ ذكر تسبيحاً.
وجاء التّسبيح بكلّ الصّيغ الماضي والحاضر والأمر؛ ليدل على أنّ تسبيحه مستمر منذ الأزل إلى أن تقوم السّاعة لا ينقطع أبداً ودائم بدوام ذاته وصفاته؛ تسبّح له السموات السّبع والأرض ومن فيهن، وسواء شارك الإنسان أم لم يشارك, فجاء بصيغة الماضي في سورة الحديد والحشر والصف قال تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحديد: ١], {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: ١] و [الصف: ١], وبصيغة المضارع في سورتي الجمعة والتغابن: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ} [الجمعة: ١] و [التغابن: ١] ليدل على أنّ التّسبيح يتجدد ويتكرر ومستمر, وبصيغة الأمر في سورة الأعلى والواقعة والحاقة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١], {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤-٩٦] وسورة الحاقة (٥٢), وجاء بصيغة المصدر {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١]. {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: ١٧], {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤].
{سَبَّحَ لِلَّهِ}: تقديم الجار والمجرور (لله) يفيد الحصر.
{مَا فِى السَّمَاوَاتِ}: ما لغير العاقل والعاقل الكل سبّح ويسبّح وسيبقى يسبّح لله تعالى من ملائكة ومن شمس وقمر ونجوم وكواكب ورياح ورعد وبرق ومجرّات وغيرها، وبما أن هناك مخلوقات موجودة في السماء، وليست موجودة على الأرض مثل الملائكة الصّافّين من حول العرش والمقرّبين وغيرهم, ومخلوقات موجودة في الأرض غير موجودة في السموات ولذلك كرر (ما في) لذكر كلّ منهما على حدةٍ أو كلاهما معاً, لا يشاركه فيهما أحد, وقيل: تكرار (ما في) يصاحب الكلام عن أهل الأرض، أو يصاحب التفصيل في الآيات.
{وَهُوَ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.
{الْعَزِيزُ}: القوي والقاهر الذي يَقهر ولا يُقهر والغالب الذي يَغلب ولا يُغلب, الممتنع لا يناله أحد بسوء.
{الْحَكِيمُ}: الحكيم في تدبير شؤون خلقه وكونه وشرعه، فهو أحكم الحاكمين وهو أحكم الحكماء.
ارجع إلى سورة البقرة آية (١٢٩) لمزيد من البيان. فالله سبحانه وتعالى يستحق أن يعبد ويُسبَّح لعظمته وقدرته ونعمه وخلقه، ولأنه العزيز الحكيم، ولأنّه مالك السماوات والأرض وله المُلك؛ أي: الحكم.