للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ٨]

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}:

وهؤلاء هم الصنف الثالث من النّاس، وهم المنافقون، وصف الله حالهم في ثلاث عشرة آية:

{وَمِنَ}: الواو عاطفة.

{مَنْ}: اسم موصول تستعمل للعقلاء، وتشمل المفرد والمثنى والجمع.

{النَّاسِ}: وكلمة النّاس تعني بني آدم، ولمعرفة كيف اشتقت كلمة النّاس ارجع إلى الآية (٢١) من نفس السورة.

{مَنْ يَقُولُ}: من: كالسابقة؛ يقول: مضارع يدل على التجدد والاستمرار، الباء: للإلصاق والتوكيد.

{آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}: أي: من الذين {قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ} [المائدة: ٤١] أو {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ} [الفتح: ١١].

آمنا أي: صدقنا بالله رباً وباليوم الآخر، ويتظاهر بالإيمان ويبطن الكفر. فالإيمان بالله تعالى يعني اليقين بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، وأنه الإله الحق الذي يستحق وحده العبادة.

الإيمان الذي يتضمن توحيد الربوبية والإلوهية، وتوحيد الصفات والأسماء.

والإيمان باليوم الآخر: أي يوم القيامة، وسمي بذلك؛ لأنه لا يوم بعده، وله أسماء أخرى كثيرة: يوم الدين، يوم الحساب… ويعني الآخرة، أو الدار الآخرة، والجنة والنار.

وإذا قارنا هذه الآيات:

١ - آية التوبة رقم (٩٩): {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. فهذه جاءت في سياق المؤمن.

٢ - وآية البقرة رقم (٢٦٤): {كَالَّذِى يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. جاءت في سياق الكافر.

٣ - وآية البقرة رقم (٨): {مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} جاءت في سياق المنافق، وبزيادة الباء (وباليوم الآخر) التي تفيد في توكيد نفي تهم النفاق عن نفسه.

نرى أنّ الكافر المعلن كفره أو شركه، كما في الآية (٢٦٤) من سورة البقرة، فرغم كونه كافراً ملحداً، لكنه أصدق من المنافق الذي يدَّعي الإيمان، كما في الآية (٨) من سورة البقرة.

{وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}: الواو حالية. وما النّافية تنفي الحال وأقوى في النفي من ليس.

{هُمْ}: ضمير منفصل يفيد التّوكيد.

{بِمُؤْمِنِينَ}: الباء تفيد توكيد نفي الإيمان عنهم بكونهم غير مؤمنين.