للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الروم [٣٠: ٢١]

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}:

{وَمِنْ آيَاتِهِ}: ومن: الواو: عاطفة، من: ابتدائية بعضية؛ أي: من بعض آياته، ولبيان معنى آياته ارجع إلى الآية (٢٠) من نفس السورة، وإلى سورة العنكبوت آية (٤٧).

{أَنْ}: حرف مصدري يفيد التّعليل.

{خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}: أي من جنسكم ونوعكم البشري، والمخاطب هنا الذكر والأنثى. و (الأزواج) تعني: الزوج ومعه مثله.

والأزواج تطلق على الذكر والأنثى، أو الزوج تعني: اثنين مفرد معه مثله.

خلق لكم: خاصة من أنفسكم أزواجاً؛ ليحدث التكامل الّذي أراده الله تعالى في الطباع والعادات، ويحدث التكاثر والتناسل من بني الإنسان؛ لتعمر الأرض. فالذكورة والأنوثة آيتان من آيات الله تعالى كما هي آية الليل والنهار.

{لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}: بالزواج الشرعي، اللام: لام التّعليل والتّوكيد، تسكنوا إليها: والسكن من السكون؛ أي: الراحة، وسكن إليه؛ أي: استأنس به واستراح إليه واطمأن به، وتعني: السكن في دار واحدة والعيش معاً، والسكن يعني: الراحة وقوف الحركة (المعاني الجامع)، والسكون لتسكنوا إليها؛ أي: تميلوا إليها وتألفوها، أو ليأوي إليها وبما فيها من معنى السكينة النفسية والاستقرار والحماية والأمن والوقاية من الأوبئة والسرور وتبادل الحب والرحمة، والسكينة الجنسية التي تحصل بين الزوجين بعد الثورة الجنسية التي تحصل بينهما، وإنجاب الأطفال الذين هم زينة الحياة وزهرتها.

{وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً}: حباً أولاً، فالمحبة تسبق المودة؛ أي: تتجلى آثار المحبة بالمودة فكل مودة محبة وليس كل محبة مودة، فالمودة تشمل المحبة الإخلاص والوفاء وغيرها من المظاهر.

{وَرَحْمَةً}: تظهر خاصة في النصف الأخير من الحياة الزوجية، فعلى الزوج أن يرحم زوجته والزوجة ترحم زوجها إذا قصرت في واجباتها، وإذا فقدت الرّحمة فالبيت أصبح في خطر، ولابد من الصبر والتحلي بأعلى الأخلاق.

إذن ثلاثة أهداف للزواج: السكن، والمودة، والرحمة.

{إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ}: إن: للتوكيد، في ذلك لآيات: اللام في (لآيات) للتوكيد أيضاً.

{لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}: اللام لام الاختصاص، قوم يتفكرون: في هذه الآيات والدلائل؛ ليصلوا إلى عظمة الخالق وقدرته ووحدانيته والإيمان به، ويتفكرون بحكمته الجلية علينا في كل لحظة وساعة من ساعات الحياة الدنيا.