سورة يس [٣٦: ١٨]
{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}:
لم تعد أمام أصحاب القرية من حيلة أو حجة لمواجهة رسلهم إلا اللجوء إلى اتهام رسلهم بالتّطيّر، والتّهديد والوعيد.
{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}: تشاءمنا بكم، التّطير: التشاؤم، مثل قولهم: انقطع المطر عنا بسببكم، وتغيّرت أو ساءت حالتنا بسببكم، أو ما يصيبنا من شر هو بسببكم أنتم.
{لَئِنْ}: اللام للتوكيد، إن شرطية تفيد الاحتمال أو الافتراض.
{لَّمْ تَنْتَهُوا}: لم النّافية، تنتهوا: أي تكفّوا عن الدّعوة إلى وحدانية الله والإيمان وتبليغ الرّسالة.
{لَنَرْجُمَنَّكُمْ}: اللام والنون (نون التوكيد الثقيلة) في (نرجمنكم) للتوكيد، وهناك من قال إنها لام القسم، والرّجم يكون بالحجارة؛ أي: نقتلكم، أو بالقول والشّتم.
{وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}: واللام والنّون (نون التوكيد الثقيلة) في ليمسنكم للتوكيد، وقيل: لام القسم؛ وقالوا: (لنرجمنكم وليمسنكم) ولم يقولوا لنرجمنكم أو ليمسنكم؛ أي: سيحصل لكم أو سيصبكم الأمران معاً الرّجم والمس وليس أحدهما، ولو قالوا: أو؛ أي أحدهما يكفي، وهذا يدل على مدى غيظهم وتصميمهم على الرّجم وإلحاق العذاب بهم.
وقولهم: أو ليمسنكم منا: منا نحن وليس من الآلهة والأصنام؛ لأنّ الآلهة والأصنام غير قادرة على الضّر أو النّفع، عذاب أليم: عذاب شديد الإيلام.
لنقارن هذه الآية من سورة يس: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}، مع الآية (٤٧) من سورة النّمل: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ}.
في سورة النّمل (اطيرنا) فيها تضعيفان ياء مشددة والطّاء المشددة، أصل اطير: تطير على وزن: تفعّل، أبدلت التّاء طاء وحدث إدغام في الطّائين.
في سورة ياسين تطير فيها تضعيف واحد، واطّيّرنا بكم في سورة النّمل تضعيفان؛ أشد من تطيرنا بكم في سورة ياسين.
والتّضعيف يفيد المبالغة والتّنكير، ولو قارنّا الآيتين في النّمل: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، إذن في النّمل هناك قتل نبي وأهله كلهم، لذلك هو أشد من التّهديد بالرّجم والعذاب في يس.