{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}: أن تعليلية (مصدرية) أو التّقدير: ألنّا له الحديد لعمل السّابغات، أو أمرناه أن اعمل سابغات، أو لأن يعمل سابغات: صفة للدروع؛ أي: اعمل دروعاً سابغات فذكر الصّفة وحذف الموصوف؛ لأنّ الصّفة تدل على الموصوف، والسّابغات: هي الدّروع الواسعة الّتي تغطي كامل الجسم (تلبس في الحرب).
{وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ}: السّرد: النّسج، ويقال لصانع الدّروع: سَرَّاد؛ أي: انسج الدروع بحيث تكون متناسبة الحلق فلا ضيقة ولا واسعة؛ أي: متّسقة بحيث تدخل الحلق بعضها في بعض، ولها معنى آخر: أي اعمل من السّابغات على قدر ما تحتاج فقط.
أمّا سبب تعليمه نسج السّابغات الدّروع قيل: إنّ داود -عليه السلام- كان يأكل من بيت المال وينفق على عياله، وانتبه النّاس إلى هذه الخصلة فعاب عليه النّاس، فشعر داود بالألم فسأل الله تعالى أن يعلّمه صنعة ليعيش منها. ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة داود -عليه السلام- عن طريق إسحاق بن بشر عن وهب عن ابن المنبه. وقيل: كان يبيع الدّرع فيأخذ من الأجر له ولعياله ويوزع الباقي على بني إسرائيل.
{وَاعْمَلُوا صَالِحًا}: الخطاب موجَّهٌ إلى داود وآل داود (أولاده وأهله) أي: اشكروا الله على منّته عليكم بأن علّمكم صنع السّابغات ورزقكم من فضله واعملوا الفرائض والواجبات.
{إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} إنّي: للتوكيد، بما: الباء للإلصاق والدّوام، ما: اسم موصول بمعنى الّذي تعملون أو مصدرية؛ أي: رقيب ومطّلع على ما تعملون (من عمل السّابغات وبيعها والأمانة).
وفي سورة الأنبياء الآية (٨٠) قال تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ}.