سورة الأعراف [٧: ١٦١]
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}:
قبل البدء بتفسير هذه الآية ومقارنتها بآية (٥٨) من سورة البقرة لنعلم أن آية الأعراف (١٦١) جاءت في سياق آيات التوبيخ والذم لبني إسرائيل التي افتتحت بقوله تعالى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨], وكذلك لا بد من الرجوع إلى سورة البقرة لمقارنة هذه الآية لبيان لفروق بينهما.
{وَإِذْ}: واذكر إذ، أو واذكر حين.
{قِيلَ لَهُمُ}: قيل لهم: بصيغة المبني للمجهول مقارنة بقوله تعالى في سورة البقرة آية (٥٨) قلنا، قيل لهم تدل على قلة الاهتمام.
{اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ}: مقارنة بقوله تعالى في سورة البقرة آية (٥٨) ادخلوا فلا تعارض بين الآيتين الدخول ثم السكن.
{هَذِهِ الْقَرْيَةَ}: الهاء: للتنبيه، ذه: اسم إشارة؛ للقريب، وقيل: هي بيت المقدس، أو ريحاً أو غيرها أمروا بدخولها بعد التيه.
{وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ}: مقارنة بقوله تعالى: فكلوا منها حيث شئتم رغداً في سورة البقرة آية (٥٨) حيث أضاف الفاء ورغداً.
{وَقُولُوا حِطَّةٌ}: أي: اغفر لنا، أو حط عنا أوزارنا، وخطايانا.
{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}: باب القرية، سجداً بتواضع، وخضوع لله -جل وعلا- ، واسجدوا لله عند دخولكم الباب، سجود شكر، ونجد تقديم وتأخير معاكس في كلا الآيتين آية البقرة وآية الأعراف يناسب سياق الآيات؛ في سورة البقرة: الاهتمام والتكريم، وفي سورة الأعراف: التوبيخ والذم.
{نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ}: الغفر: هو الستر، والمغفرة هي ستر الذنب. لكم: أي نغفر لهؤلاء؛ الذين قاموا بما أمروا به. خطيئاتكم: الخطايا: هي الذنوب، وخطيئاتكم: جمع قلة. وسواء كان خطاياكم أو خطأكم: جمع خطيئة. خطاياكم: جمع كثرة (في مقام التكريم والاهتمام)، وخطأكم: جمع قلة (في مقام التوبيخ والذم).
{سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}: السين: للاستقبال القريب. من النعم، والخيرات، والرضى، والثواب، والإحسان؛ هنا مستقل عن المغفرة؛ أي: نغفر لكم وأيضاً نزيد المحسنين.
انتبه إلى أن الواو في (وكلوا)، و (قولوا)، و (حطة): لا تدل على الترتيب، فسواء دعوا، أو دخلوا، أو أكلوا، أو أكلوا، أو دخلوا، أو دعوا؛ كلها مقبولة، والترتيب لا يهم.
في آية الأعراف قال: {سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}: الإحسان: مستقل عن المغفرة، فبعد الغفران سنزيد المحسنين.
أما في آية البقرة؛ فقال: {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}: الإحسان: المغفرة شيء واحد، وهذا أفضل من سنزيد المحسنين، الواو: تدل على الاهتمام.