هذه الآية تتحدث عن نوع آخر من الكفر، وهو منع النّاس من الدّخول في الإسلام ودخول المسجد الحرام كما حدث في صلح الحديبية مثلاً.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: إن: للتوكيد. كفروا: في صيغة الماضي؛ لأنّ الكفر وقع منهم فعلاً كفروا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
{وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ويصدّون جاءت بصيغة المضارع والقياس أن نقول: كفروا وصدّوا عن سبيل الله؛ لأنّ الصّد الّذي يقومون به ناتج عن الكفر، وما يزال صدّهم مستمراً ومتجدداً؛ لأنّ كفرهم مستمرٌّ وثابتٌ، والصدّ: هو المنع بقصد ونيّة. ارجع إلى سورة النّساء آية (٦١) للبيان.
ولا بدّ من معرفة الفرق بين البيت الحرام والمسجد الحرام والكعبة والبلد الحرام والمشعر الحرام، الكعبة: هي المركز وهي البناء المكعب الّذي يتوسط الحرم، وهي البيت العتيق، والمسجد الحرام: هو المسجد المحيط بها من كلّ الجهات.
{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}: سواء النّوعان متساويان: العاكف والباد (اسم فاعل) في إقامة المناسك والحرمة، سواء العاكف فيه: يعني: المقيم فيه والملازم له، وعكف على الشّيء: واظب عليه ولازمه، والباد: القادم من خارج مكة، القادم من أيّ مكان في الأرض.
{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}: ومن: شرطية، ومن يرد من: الإرادة؛ أي: الفعل؛ أي: ينوي ويعزم على القيام بارتكاب الذّنب فيه أو القتل أو ارتكاب المنكر في الحرم، والباء للإلصاق والتّوكيد (العزم) بإلحاد: أي: الميل عن الحق مثل استحلال الحرام؛ أي: فعل الحرام متعمداً مثل القتل أو الشّرك أو ارتكاب المنكرات.
بظلم: بالخروج عن منهج الله تعالى، والعصيان والتمرد وظلم النّاس.
{نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}: جواب الشّرط لـ: من يرد، نذقه: من الذّوق: وهو الإحساس بالمطعوم والمشروب، الذّوق: يعني الإهانة والمذلة والألم الّذي يصل إلى كلّ عضو في الجسم.