{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ}: الواو استئنافية، لنبلونكم: اللام والنّون كلاهما للتوكيد، فهذا الابتلاء كائن لا محالة والابتلاء أشد من الاختبار، ويكون في الخير والشّر والابتلاء هنا يعني الجهاد بالمال والنّفس وبالتّكاليف.
{حَتَّى}: حرف نهاية الغاية، وهي العلم من سيخرج في سبيل الله ومن يتخلف عن الجهاد، ومن الصابر أو غير الصابر والمرائي من المخلص.
{نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ}: وهل الله سبحانه بحاجة إلى هذا العلم طبعاً لا فهو يعلم منذ الأزل، وقبل خلق الإنسان ما سيعمل أو ما لا يعمل وغاية العلم لإقامة الحُجَّة على العبد أولاً، وحتى يعلم من حوله، أيْ: أنتم وغيركم شأنه وصدقه وكذبه وتكونوا شهوداً عليه.
والجهاد نوعان: الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر، مجاهدة النّفس ومجاهدة العدو. ارجع إلى سورة العنكبوت آية (٦) لبيان معنى الجهاد.
{وَالصَّابِرِينَ}: على الطّاعات واجتناب النّواهي والقضاء والقدر.
{نَعْلَمَ}: الصّابرين من غير الصّابرين ودرجات صبرهم.
{وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ}: في القرآن الخبر: هو النبأ العادي، والنبأ: هو الخبر العظيم؛ أي: نكشف أخباركم أو نبلوكم بشتى الابتلاءات بالزّيادة في الخبر أو النّقصان منه أو الإخبار عنه بخلاف ما هو عليه أو نطلع على أخباركم هل تصدقون أم لا، أو هل تتبيَّنوا صدق الأنباء قبل الإعلان بها.
الفرق بين الابتلاء والاختبار:
الابتلاء: لا يكون إلا بتحمل المكاره والمشاق، ويكون في الخير والشّر وغاية الابتلاء، هو معرفة أو استخراج ما عند المبتلى من الطّاعة والصّبر أو المعصية من جراء المشقة، والابتلاء قد يؤدِّي إلى كشف الأسرار أو الفضيحة، وليس الغاية من الابتلاء ليعلم الله؛ لأن الله سبحانه يعلم نتيجة ابتلائهم.
الاختبار: يكون بفعل المحبوب أو المكروه وغاية الاختبار وقوع الخبر والخبر هو العلم بكنه الشيء وحقيقته.