سورة يوسف [١٢: ٣٢]
{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}:
{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِى}: قالت، امرأة العزيز.
{فَذَلِكُنَّ}: الفاء: للتأكيد؛ ذا: اسم إشارة يدل على يوسف، واللام: للبعد، مع أنّ يوسف حاضر أمامهنَّ؛ للدلالة على علوه، وبعد منزلته، والكاف: للخطاب، والنون: نون (النسوة) الجمع والخطاب من امرأة العزيز لجميع النسوة اللاتي حضرن المجلس.
{الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ}: الّذي: اسم موصول.
{لُمْتُنَّنِى فِيهِ}: أيْ: في حبه؛ من لام يلوم ولامه؛ اللوم: خطاب يعبر فيه عن عدم الرّضا، عن عمل لم يكن متوقعاً من عامله (قول، أو فعل)، فكيف امرأة العزيز تعشق، أو تحب عبدها حقاً؛ فهي تلام على فعل ذلك.
{وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَّفْسِهِ}: ارجع إلى الآية (٢٣) من نفس السّورة.
{فَاسْتَعْصَمَ}: فيها مبالغة؛ أيْ: بالغ من الاستعصام في الامتناع، أو ضبط نفسه عن الشّهوة.
{وَلَئِنْ}: اللام: للتأكيد؛ إن: شرطية تفيد الاحتمال، أو الشّك.
{لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ}: لم: النّافية؛ أيْ: لم يطع أوامري، أو أمري إياه، وما: مصدرية، أو اسم موصول بمعنى: الّذي.
{لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}: ليسجنن: اللام: لام التّوكيد؛ يسجنن: فيها ثلاث نونات، ومنها: نون النّسوة الثّقيلة؛ لزيادة التّوكيد.
وأما كلمة ليكوناً من الصّاغرين: فيها لام التّوكيد، وفيها نونان: منها: نون النّسوة الخفيفة.
{وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}: أو للتخيير؛ ليكوناً من الصاغرين؛ أيْ: يُذل، ويُهان، ويحط من كرامته، ويُحقر.
والفرق بين ليسجننّ، وليكوناً: هي أنها أكدت بزيادة نون في كلمة (ليسجنن)، ولم تقل: ليكونن من الصاغرين، بل ليكوناً من الصاغرين.
زيادة التّوكيد في كلمة (ليسجنن) على كلمة (ليكوناً) تشير إلى امرأة العزيز تؤكد، وتميل، وترغب في أن يسجن، ولا يُهان، ويحط من كرامته؛ أيْ: يسجن بدلاً من أن يكوناً من الصاغرين.
عند ذلك قال النّسوة ليوسف: أطع مولاتك؛ فقال عندها يوسف: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ}.