سورة الأعراف [٧: ٢]
{كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}:
{كِتَابٌ}: أيْ: هذا كتاب، أو هو كتاب، وجاء بصيغة النكرة؛ للتعظيم؛ أيْ: هذا كتاب عظيم، أو هو كتاب عظيم؛ أي: القرآن.
{أُنْزِلَ إِلَيْكَ}: أنزل: تعني: جملة واحدة، أو دفعة واحدة، من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ولم يقل: نزل إليك التي تدل على إنزاله منجماً، وعلى دفعات؛ أيْ: أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ليلة القدر، ثم نُزِّلَ على دفعات خلال (٢٣ عاماً).
{إِلَيْكَ}: ولم يقل: عليك، إليك: تفيد الانتهاء، وتستعمل في سياق التبليغ، والانتهاء إلى عامة الناس.
عليك: تفيد العلو، والجهة المنزِلة، وتستخدم في سياق التشريع، وعليك: من على؛ تفيد الاستعلاء، والمشقة. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٤)؛ لمزيد من البيان.
والقول أُنزل عليك لا يتناسب مع السياق؛ لأن الآية جاءت في سياق تخفيف الحرج؛ فاستعمال على في معناها الحرج.
{فَلَا}: الفاء: للتوكيد، لا: الناهية.
{يَكُنْ فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ}: حرج: ضيق في الصدر، لا مخرج منه، والحرج يطلق على المكان الضيق بسبب كثرة الأشجار كما نرى في الغابات أحياناً يصعب تجاوزه، والخطاب هنا موجَّه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمته، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- فرد من هذه الأمة، ويمثل هذه الأمة.
وقيل: النهي هنا للحرج: أن يدخل صدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{حَرَجٌ مِّنْهُ}: من تبليغه، أو الإنذار به، أو عدم تصديق الكفار به.
{لِتُنْذِرَ بِهِ}: اللام: لام التعليل، والهاء في {بِهِ}: تعود على الكتاب، والإنذار يكون للناس كافة وقومك، ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، وخاصَّةً أم القرى، ومن حولها، وتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك.
{وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}: اللام: في كلمة {لِلْمُؤْمِنِينَ}: تفيد الاختصاص، ذكرى: أيْ: تذكرة للمؤمنين خاصَّةً؛ لكي ينتفعوا بها إذا غفلوا؛ كقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [فاطر: ١٨]، {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [يس: ١١].