سورة يونس [١٠: ٤٩]
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَـئْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}:
{قُلْ}: قل لهم يا محمّد -صلى الله عليه وسلم- ردّاً على سؤالهم: متى هذا الوعد؟ (أي: متى العذاب، أو يوم القيامة…) ويعني: الضّر:
{لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}: لا: النّافية للجنس.
{أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا}: اللام: لام الاختصاص، والملكية؛ أيْ: غير قادر على دفع الضّر عن نفسي، أو جلب المنفعة لنفسي. والضّر: مصدر خلاف النفع، أو الشّر، والنّفع: هو مثل الغنى، والصّحة، والخير… وغيرها، ويجب تفريق الضَّر عن الضُّر (بضم الضاد) الذي يحصل في البدن من مرض أو مصيبة.
{وَلَا نَفْعًا}: ولا: لزيادة توكيد النّفي، وتكرار النّفي بلا: يفيد الفصل بين النّفع، والضّر؛ فهو لا يملك أياً منهما على حدة، أو كلاهما معاً، فكيف أملك، أو أقدر على المجيء بيوم القيامة، أو إنزال العذاب بكم، وقدم الضَّر على النفع؛ لأن سياق الآيات في الوعيد والتحذير لهؤلاء الذين كذبوا بلقاء الله تعالى، وكذبوا بالبعث والحساب.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{مَا شَاءَ اللَّهُ}: أن أملكه، أو يقدرني عليه من الحول، والقوة، والنفع، والضّر، وقدَّم الضّر على النّفع؛ لأنّ سياق الآيات يدعو إلى تقديم الضّر على النّفع؛ حيث ذكر الله سبحانه: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ} [يونس: ١١].
{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا} [يونس: ١٢].
{قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا} [يونس: ٥٠].
{لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ}: هذا قد يكون الرّد الثّاني، أو الجواب الثّاني على سؤالهم متى هذا الوعد (العذاب، أو الضّر…).
{لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ}: وقت محدد، أو عمر محدد، وحين يشاء الله سبحانه ينزل بالّذين كفروا العذاب، أو قد يؤخِّره إلى أجل مسمَّى هو يوم القيامة، أو حياة البرزخ (عذاب القبر).
{إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ}: أيْ: وقت إهلاكهم، أو موتهم، أو عذابهم؛ إذا: ظرف زماني متضمن معنى الشّرط، ويحمل معنى حتمية الوقوع؛ أيْ: هو حتماً قادم لا محالة، ولا شك.
{إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَـئْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}: انتبه إلى قوله سبحانه: إذا: شرطية؛ جواب الشّرط: هو جاء أجلهم لا يستأخرون، وينتهي الكلام، ولا يستقدمون، ليست تتمة لجواب الشّرط.
أيْ: إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة، ولا دقيقة، ولا ثانية، وإذا لم يجئْ أجلهم لا يستقدمون ساعة، ولا دقيقة، ولا ثانية.