للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة هود [١١: ١١٤]

{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ الَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}:

المناسبة: بعد أن أمر سبحانه بالاستقامة، وعدم تجاوز حدود الله، أو الرّكون إلى الّذين ظلموا في الآية السّابقة يأمر في هذه الآية بأمر آخر هو إقامة الصّلاة.

{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ}: أي؛: أداها تامَّة بأركانها، وبشروطها، وخشوعها، وإقامتها.

{طَرَفَىِ النَّهَارِ}: الطرف الأوّل: هو الفجر، والطرف الثّاني: هو الظهر، والعصر، أو الطرف الأوّل: هو الفجر، والظهر، والثاني: هو العصر، والمغرب، أو العصر فقط.

{وَزُلَفًا مِنَ الَّيْلِ}: المغرب، والعشاء، أو العشاء والوتر، وزلفاً من الزّلفى: وهي القُربى، وأزلفه: قربه، وزلفاً من الليل: في ساعات الليل القريبة من النّهار؛ أي: المغرب والعشاء.

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}:

سبب نزول هذه الآية: أنّ رجلاً خلا بامرأة فقبلها؛ فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر له ذلك، فسكت النّبي -صلى الله عليه وسلم-، ثمّ نزل عليه جبريل -عليه السلام- بهذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ الَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}؛ فقال رجل آخر: أهذا له خاصَّة؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: لا بل للناس كافة، أو للمسلمين عامة؛ قال التّرمذي: حديث حسن صحيح، والعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب.

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ}: إن: للتوكيد.

{الْحَسَنَاتِ}: الصّلوات الخمس، كما ورد في حديث مسلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الصّلوات الخمس كفارة لما بينهنَّ إذا اجتنبت الكبائر»، والحسنات: جمع حسنة، والحسنة سواء أكانت فرضاً، أم نفلاً قد تمحو؛ أي: تذهب السّيئة؛ أيْ: تمحوها، والسّيئة: هي كلّ عمل توعَّد الله سبحانه صاحبها بالعقوبة (من قول، أو فعل)، والحسنات: جميع الأعمال الصّالحة تكفر السّيئات؛ أي: الصّغائر؛ أمّا الكبائر: فلا يكفرها إلا التّوبة.

وشروط التّوبة أربعة: الإقلاع عن الذّنب، وعدم العودة إليه، والنّدم عليه، والإكثار من الأعمال الصّالحة (النّوافل)، وردُّ الحقوق إلى أصحابها.

{ذَلِكَ}: اسم إشارة للبعد؛ يشير إلى الصّلاة، وإقامتها، والاستقامة عليها، والحسنات يذهبن السّيئات.

{ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}: في إقامة الصّلاة خمس مرات في اليوم ذكرى للذاكرين؛ أيْ: تنبيه للنّفس بعدم الغفلة، ولذلك الصّلاة لا تسقط عن العبد، ولو كان مريضاً، أو على فراش الموت.

فبمجرَّد ما يغفل الإنسان عن ذكر ربه تأتي الصّلاة خمس مرات؛ لتذكر الإنسان بربه.

{لِلذَّاكِرِينَ}: اللام: لام الاختصاص؛ الذّاكرين: الله سبحانه، وتشمل الذّاكرات، والصّلاة كذلك تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]. والصلاة تجمع أركان الإسلام الخمسة.