{قُلْ}: قل لهم يا رسول الله؛ أي: للمشركين من قريش.
{لَا تُسْـئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا}: لا النّافية، تسألون عما أجرمنا: النّون في "تسألون" للتوكيد، عما أجرمنا: عن تفيد المجاوزة والمباعدة، ما بمعنى الّذي أو مصدرية، أجرمنا: الإجرام: هو التمرد على أوامر الله ونواهيه، ورفض الخضوع إليها. ارجع إلى الآية (٣٢) من نفس السورة؛ أي أذنبنا، بصيغة الماضي؛ أي: كأن الإجرام حدث أو وقع من قبلنا، والفرق بين أجرمنا وتجرمون: أجرمنا في الماضي ومرة واحدة، تجرمون: ليس إجراماً واحداً بل هو إجرام مستمر يتجدد ويتكرر، كقوله تعالى:{وَأَنَا بَرِاءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ}[هود: ٢٥] أي: أنتم لستم مسؤولين عن إجرامنا؛ أي: إن كانت عبادتنا وطاعتنا لله تعالى جريمة أو ذنباً فلستم مسؤولين عنها.
{وَلَا نُسْـئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}: لا النّافية، نُسأل عما تعملون ولم يقل عما تجرمون مع أنّهم هم المجرمون حقاً، وقال بدلاً عنها: عما تعملون بصيغة المضارع، وهذه الآية تدل على أعلى درجات الارتقاء، والسّمو في الحوار والدّعوة إلى الله والتّلطف بالآخر لعله يتوب إلى الله وينوب إليه، ويستميل قلبه لقبول الحق والهداية، وإذا قارنا هذه الآية بآية (٣٥) من سورة هود، وهي قوله تعالى:{قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَىَّ إِجْرَامِى وَأَنَا بَرِاءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} هذه الآية جاءت في سياق قول نوح لقومه إذا كنت أفتري على الله الكذب فعلي إجرامي، وإذا كنت بريء من ذلك، أو لست كذلك فأنتم مجرمون بحقي، بينما آية سبأ جاءت في سياق الدعوة إلى الله.