سورة آل عمران [٣: ٨٣]
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}:
انتهت الآية السابقة بقوله: فأولئك هم الفاسقون، وبدأت هذه الآية: أفغير دين الله يبغون.
{أَفَغَيْرَ}: الهمزة: للاستفهام، والتوبيخ، والإنكار.
{دِينِ اللَّهِ}: دين الإسلام. ارجع إلى سورة البقرة، آية (١٣٢)؛ لمعرفة معنى الدِّين، والملة.
{يَبْغُونَ}: يريدون، ويطلبون، وقدم هنا المفعول به الذي هو غير دين الله على الفعل يبغون؛ لشدة الإنكار على عبادة غير الله؛ (أي: غير دين الله)، وجاءت النون في كلمة يبغون؛ لتوكيد شدة الإنكار.
وقيل سبب نزول هذه الآية كما قال ابن عباس: اختصم أهل الكتابين: اليهود، والنصارى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أينا أحق بدين إبراهيم؟ فقال النبي: «كلا الفريقين بريء من دينه»، فقالوا: ما نرضى بقضائك، ولا نأخذ بدينك؛ فنزلت هذه الآية.
{وَلَهُ أَسْلَمَ}: وله تعالى أسلم له خضع وانقاد سواءً.
{مَنْ}: للعاقل. أهل السموات والأرض (الملائكة، والإنس، والجن).
{فِى}: ظرفية زمانية ومكانية.
{السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: الملائكة في السموات، وكل المخلوقات.
{طَوْعًا}: اختياراً، والطوع: الانقياد بسهولة.
{وَكَرْهًا}: أي: بالقهر، والقوة لا بالإرادة والاختيار، فالكل تحت سلطانه سبحانه. ارجع إلى سورة البقرة لمزيد من البيان في معنى كرهاً، والفرق بين كَرهاً: بفتح الكاف، وكُرهاً: بضم الكاف.
{وَإِلَيْهِ}: تقديم الجار والمجرور إليه تفيد الحصر إليه حصراً، لا إلى غيره.
{يُرْجَعُونَ}: بضم الراء بدون اختيار أو إرادة، الكل يرجع إليه سبحانه الطائع، والكاره للحساب والجزاء رغماً عن أنوفهم؛ أما يَرجعون: بفتح الياء تدل على الرجوع بالإرادة والاختيار.