{قَالَ رَبِّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ}: إنّي: للتأكيد، كان بإمكانه أن يقول: قال: رب أعوذ بك أن أسألك، ولكن جاء بإنّي: للتوكيد؛ توكيد الاستعاذة.
{أَنْ أَسْـئَلَكَ}: أن: حرف مصدري؛ تفيد التّوكيد، وتقدير الكلام: أعوذ بك من أن أسألك ما ليس لي به علم.
{مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ}: ما: النّافية، ما ليس لي به علم: يشمل هذا الطلب، وغيره، وكلّ أمر ليس له به علم، وأدرك نوح أنّه أخطأ، وارتكب ذنباً فقال:
{وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: وإلا تغفر لي: وإلّا: مركبة من: إنّ: حرف شرط، لا: نافية، والسّؤال هنا: هل ارتكب نوحاً ذنباً بطلبه إنقاذ ابنه، وهو لا يعلم أنّه سبق عليه القول؟ والرّد على ذلك: أن طلب المغفرة؛ ليس مقتصراً على الذّنوب، بل هناك توبة إنابة، واستغفار، ومن دون وقوع المعصية، والله سبحانه أمر رسوله محمّد -صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر، ويصبر؛ فقال:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[غافر: ٥٥]، مع أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذنباً؛ فهذه توبة إنابة.
ولو نظرنا إلى قول نوح:{وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، ونقارنه بقول آدم وزوجته في سورة الأعراف، الآية (٢٣): {وَإِنْ لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: فيه توكيد أكبر بالنّون الثّقيلة، وأمّا قول نوح فليس فيه تأكيد. ارجع إلى سورة الأعراف، آية (٢٣)؛ للمقارنة، والبيان.