للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة البقرة [٢: ٢١١]

{سَلْ بَنِى إِسْرَاءِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}:

{سَلْ}: بغير الهمز بدلاً من اسأل؛ للتخفيف. القاعدة عند أهل الحجاز: إذا بدأت بالفعل تخفَّف، وتحذَف فتقول: سل، وليس اسأل، وإذا تقدمها شيء أو جملة يؤتى بالهمزة فيقال اسأل؛ أي: يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-، والخطاب موجَّه للنبيِّ، وللمؤمنين معاً.

{بَنِى إِسْرَاءِيلَ}: ارجع إلى الآية (٤٠) للبيان، والسّؤال هنا يراد به إحدى أمرين: إما التّقرير، والتّذكير بنعم الله، وإما التّوبيخ على ترك الشّكر.

{كَمْ آتَيْنَاهُم}: {كَمْ}: الاستفهامية؛ للتقرير، يراد به العدد المبهم، أو {كَمْ}: الخبرية، وبمعنى الكثير، {آتَيْنَاهُم}: من الإيتاء. ارجع إلى الآية (٨٧)، أو الآية (٢٥١) من سورة البقرة.

{مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ}: {مِّنْ}: الابتدائية، وقد تكون استغراقية؛ تعني كلّ آية بينة؛ أي: معجزة واضحة ظاهرة على أيدي أنبيائهم مثل: العصا، واليد، والطّوفان، والسّنين، وانفلاق البحر، والمن، والسّلوى.

{وَمَنْ يُبَدِّلْ}: من: شرطية، ابتدائية، {يُبَدِّلْ}: بالتّخفيف، ولم يقل: يتبدل، يبدل من الإبدال: وهو جعل شيء مكان شيء آخر، يتبدل من التّبديل: وهو تغيُّر الشّيء عن حاله إلى حالة أخرى؛ أي: تغير، أو تحريف، أو تأويل، أو إخفاء الشّيء.

{نِعْمَةَ اللَّهِ}: النّعمة: تعريفها هي ما يهبه الله لعبده من خير يجلب مسرة، أو يدفع عنه مضرة، انظر في ملحق الآية؛ لمعرفة الفرق بين نعمت، ونعمة.

والنّعمة هنا قيل: هي الآيات، آيات الهداية، والتّوراة، وجاءت نعمة الله بصيغة النّكرة؛ لتشمل كلّ نعمة مهما كانت، ومنها نعمة الإسلام، وتبديل النّعمة، أو إبدالها يعني: تغييرها، وتحريفها، أو إخفائها، أو تأويلها عن حقيقتها.

{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ}: من بعد ما تمكن من معرفتها كقوله: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ٧٥]، وإلا كيف يبدلها، وهي غائبة عنه.

{فَإِنَّ اللَّهَ}: الفاء، وإن: للتوكيد.

{شَدِيدُ الْعِقَابِ}: والعقاب: هو الجزاء على فعل الذّنب، أو الجرم عقيب فعله؛ أي: يقع في الدّنيا؛ أي: معاقبة فاعل الذّنب، أو الجرم على ذنبه، أو جرمه مباشرة؛ أي: عقيب فعله، والعقاب من التّعقيب، ويختص بالدّنيا، أما العذاب فيقع في الدّنيا، أو الآخرة، والعذاب أوسع من العقاب، والعذاب قد يؤخر إلى مدَّة من الزمن قد تطول، أو تقصر، وقد لا يحدث إلَّا في يوم القيامة.

ووردت في القرآن: أنّ الله شديد العقاب، أو سريع العقاب.

وقد ذكرت كلمة العقاب في القرآن في (٦٤) موضعاً، بينما كلمة العذاب وردت في (٣٦٠) موضعاً، ووردت في القرآن: أنّ الله شديد العذاب، ولم يرد في كل القرآن عبارة: أنّ الله سريع العذاب.

وردت كلمة نعمة في هذه الآية بالتّاء المربوطة.

ووردت نعمة بالتّاء المربوطة في (٢٥) آية بينما وردت نعمت بالتّاء المفتوحة في (١١) آية.

وتبيَّن أنّ التّاء المربوطة تأتي في سياق النّعمة العامة، أو الظّاهرة.

والنّعمة بالتّاء المفتوحة «نعمت»: تأتي في سياق النّعمة الخاصة بالمؤمنين، وهي نعمة لا يمكن إحصاؤها، والله أعلم.