للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الحديد [٥٧: ١٢]

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}:

{يَوْمَ}: نكرة: للتهويل والتعظيم؛ ويعني يوم القيامة.

{تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}: رؤية العين؛ أي: الرؤية رؤية عينية، والمخاطب أيُّ إنسان, والمخبر بذلك هو الله سبحانه وما يخبرنا به الله سبحانه أصدق وأفضل مما تراه عيوننا.

المؤمنين والمؤمنات: المؤمنين (تشمل الرجال والنساء) والمؤمنات: قسم من المؤمنين، جاء بذكر الخاص بعد العام؛ للتوكيد.

{يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم}: يسعى: من السّعي هو أسرع من المشي ولا يصل إلى درجة الرّكض؛ أي نورهم يسعى: يُسرع بين أيديهم, نورهم: الذي يخرج من وجوههم وأيديهم من آثار الوضوء, فينوّر أمامهم ولا يعني أمامهم قادم نحوهم، وإنما هو نور صادر منهم ويضيء أمامهم فقد يكون أمامهم وبعيداً عنهم ولا يضيء لهم أو يُنتفع منه. وقوله: يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، ويدل ذلك على الإسراع بهم إلى الجنة؛ أي: نور يشعّ منهم ومحدّد بين أيديهم وبأيمانهم؛ أي: يتقدّمهم لا ينفصل عنهم بحيث إذا سعوا (سعى) معهم وإذا وقفوا توقّف فأسند السعي إلى النور، ولم يقل يسعون ليدل ذلك على الجهد أو التعب يلاقوه أو يعانوه. وبأيمانهم: ذكر الأيمان؛ للتشريف: والباء للإلصاق والملازمة. والمراد به في جميع الجهات.

{بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ}: تبشّرهم الملائكة، والبشرى إذا أطلقت عادة لا تكون إلا بخبر يسرّ صاحبه إلا إذا استعملت على سبيل التّهكم أو بشكل مقيد؛ وانظر كيف تحول الكلام من صيغة الغائب: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ} إلى قوله تعالى: {بُشْرَاكُمُ} بصيغة المخاطب مباشرة، وكان المشهد مشهد البشرى أمامك، وهذا يبعث الفرح والسرور أكثر مما لو قيل بشراهم، وقوله تعالى: {بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ}: اليوم بصيغة المعرفة للدلالة على التوكيد والكمال في ذلك اليوم.

{جَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}: جناتٌ مثل: جنات الفردوس أو عدن أو جنات النّعيم أو الخلد, تجري من تحتها الأنهار: أي تنبع من تحتها الأنهار.

{خَالِدِينَ فِيهَا}: الخلود: الاستمرار والبقاء إلى ما لا نهاية ولكن له نقطة بداية هي زمن دخولهم تلك الجنات.

{ذَلِكَ}: ذا اسم إشارة واللام للبعد.

{هُوَ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.

{الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}: أعظم أنواع الفوز, أعظم من الفوز الكبير أو المبين. وإذا قارنا هذه الآية: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} مع قوله تعالى في الآية (١١١) من سورة التوبة وهي قوله تعالى: {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} بزيادة الواو التي تدل على الفوز العظيم في آية التوبة أقوى وآكد من الفوز العظيم في آية الحديد.