{الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}: أي: الرّسل والأنبياء، وهذا السّؤال سيكون يوم القيامة، وسؤالهم هذا لا يقصد به الشّك في صدقهم أو عدم تبليغهم ما أرسلوا به، وإنما هو ليقيم الحُجَّة على الصّادقين وعلى الّذين كذبوا رسلهم.
وما هو السّؤال الّذي سيسألونه هو:{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[المائدة: ١٠٩]، أيْ: هل بلغتم ما أرسلتم به، فيؤتى بالرّسول -صلى الله عليه وسلم- وبالرّسل وأولو العلم كما قال تعالى؛ ليشهدوا على الّذين كذبوا رسلهم {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}[النّساء: ٤١]، {وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[الحج: ٧٨]، ليشهدوا على المؤمنين الّذين آمنوا برسلهم، وعلى الكافرين الّذين كذبوا رسلهم، وإذا قارنا هذه الآية {لِّيَسْـئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} مع الآية (٢٤) من نفس السورة، وهي قوله تعالى:{لِّيَجْزِىَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} نجد ليس بينهما صلة، فالأولى: تتعلق بالسؤال، والثانية: تتعلق بالجزاء، والأولى: جاءت في سياق الكافرين، والثانية: جاءت في سياق المنافقين؛ ارجع إلى كلا الآيتين لمزيد من البيان.