سورة الأحزاب [٣٣: ٣٥]
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}:
أسباب النّزول:
١ - يُروى أنّ أزواج النّبي -صلى الله عليه وسلم- قلن: يا رسول الله ذكر الله الرّجال في القرآن بخير أفما فينا خير نذكر به؟ إنا نخاف أن لا تُقبل منا طاعة. أخرجه الطّبراني، وقيل: السّائلة هي أمّ سلمة: في حديث أخرجه النّسائي والطّبراني والحاكم.
٢ - وروى أنّه لما نزل في نساء النّبي هذه الآيات في سورة الأحزاب وغيرها قال نساء المسلمين: فما نزل فينا شيء (أخرجه الطّبراني) فنزلت هذه الآية.
٣ - وقيل: نزلت في أسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء النّبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن قلن: لا فأتت النّبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن النّساء لفي خيبة وخسارة، قال -صلى الله عليه وسلم-: ولم ذلك؟ قالت: لأنّهنَّ لا يذكرن بخير كما يذكر الرّجال. فأنزل الله سبحانه هذه الآية التي اشتملت على عشر صفات للرجال والنساء:
١ - {الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}: جمع مسلم ومسلمة، والإسلام يعني: الشّهادة والصّلاة والزّكاة والصّيام والحج.
٢ - {وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}: جمع مؤمن ومؤمنة؛ يعني: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
٣ - {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}: جمع قانت وقانتة، والقنوت: هو الخضوع والخشوع المصحوب بالطّاعة أو العبادة.
٤ - {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ}: جمع صادق وصادقة، الصّدق في القول والعمل صدق الإيمان والقول والحديث.
٥ - {وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ}: جمع صابر وصابرة، الصّبر على أداء العبادات وترك المعاصي والصّبر على المصائب والمحن.
٦ - {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ}: جمع خاشع وخاشعة، الخشوع: هو السّكون والطّمأنينة والتّواضع لله في العبادات.
٧ - {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ}: جمع متصدق ومتصدقة بما في ذلك الزّكاة والتّصدق على الفقراء والمساكين، ولم يقل: المصدقين كما ورد في سورة الحديد آية (١٨)؛ إن المصدقين والمصدقات: فيها تضعيفان في الصاد، وتضعيف في الدال، أما المتصدقين فيها تضعيف واحد في الدال، المصدقين تعني: المبالغة في التصدق؛ أي: وهم المبالغون في الصّدقات، أيْ: يعطون الكثير، أمّا المتصدقون حتّى ولو بقليل، ولو قال: المصدقين فلم يدخل فيهم من يتصدقون بشيء قليل.
٨ - {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ}: الصّيام الامتناع عن شهوتي البطن والفرج في أيام الصيام وغيره من آداب الصيام.
٩ - {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}: عن الحرام كالزّنى وما شابه، ولم يقل: والحافظات فروجهنَّ؛ لكي يستر أمر المرأة وشهوة الفرج جعلها الله لحفظ التّناسل، وليس لارتكاب الحرام.
١٠ - {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}: بالألسن والقلوب بالتّسبيح والتّحميد والتّهليل والذّكر والدّعاء والصّلاة، والذّكر هو أخف العبادات وأيسرها على النّفس وأثقلها في الميزان.
{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}: أعدَّ الله لهم ولم يقل: ولهن؛ لأنها تدخل في لهم من باب التغليب وستر المرأة وصيانتها لا للتقليل من شأنها، قدَّم المغفرة على الأجر العظيم، هذه جملة من أعظم العبادات والصّفات الّتي تميز المسلم المؤمن من غيره من النّاس.