{وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا}: المكر مأخوذ من الشّجر الكثيف الأغصان الملتف على بعضه فلا يستطيع أن تميز بعضاً عن بعض كلها مستترة، فالمكر هو التّدبير الخفي لإلحاق الضّرر بالخصم من دون أن يعلم ويدلُّ على ضعف من يمكر بالآخرين.
{وَمَكَرُوا مَكْرًا}: أيْ: دبروا بالخفاء لقتل نبيهم صالح وأهله، وذلك بعد أن عقروا النّاقة وهددهم صالح بعذاب الله، {فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِى دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}[هود: ٦٥].
{وَمَكَرْنَا مَكْرًا}: أي: انتقمنا منهم بنصر نبينا صالح والّذين آمنوا معه، والله سبحانه وتعالى القوي العزيز ليس بحاجة إلى المكر وليس من صفاته المكر، وإنما ذكر ذلك للمشاكلة في اللفظ فهو قادر على أن يهلكهم ويهلك من في الأرض جميعاً.
فهم لم يكتفوا بعقر النّاقة ومكروا مكراً على قتل صالح وأهله؛ لأنّهم بعد أن عقروا النّاقة وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين حين أصابهم الجنون وعمى البصيرة عندها اجتمعوا في تلك الليلة ودبروا ذلك المكر لقتل صالح وظنوا أنّهم إذا قتلوا صالحاً سوف ينجوا من عذاب الله.
{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}: وهم: الواو حالية، هم: ضمير فصل يفيد التّوكيد، لا يشعرون: أنّا دبرنا لهم أن نأخذهم بالصّيحة (نهلكهم) كما قال تعالى: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِى دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[هود: ٦٧].