سورة آل عمران [٣: ١٩٩]
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}:
اختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآية، بعضهم قال: في النجاشي، وأصحابه، وبعضهم قال: في مؤمني أهل الكتاب؛ أمثال: عبد الله بن سلام، وبعضهم ذكر غير هؤلاء.
{وَإِنَّ}: الواو: استئنافية، إنَّ: للتوكيد.
{مِنْ}: ابتدائية (للتبعيض).
{أَهْلِ الْكِتَابِ}: قوله تعالى: أهل الكتاب: فيها مدح لهم مقارنة بالذين أوتوا الكتاب، أو أوتوا نصيباً من الكتاب، وهم: اليهود، والنصارى.
{لَمَنْ}: اللام: للتوكيد، مَنْ: ابتدائية.
{يُؤْمِنُ بِاللَّهِ}: بوحدانيته، وصفاته، وأسمائه، ويؤمن بملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء خيره وشره.
{وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}: ما: اسم مصول؛ أي: الذي أنزل إليكم، وهو القرآن المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ}: أنزل إليهم؛ أي: دفعة واحدة مثل التوراة، والإنجيل، ولم يقل نزل إليهم (يعني منجماً على دفعات).
{خَاشِعِينَ لِلَّهِ}: خاضعين لله، وتعني طائعين.
{لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}: لا: النافية، يشترون بآيات الله: الباء: بدلية، ثمناً قليلاً، ولا كثيراً، لا يشترون بالآيات التي فيها البشارة بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، ونعته، وصفته، ثمناً قليلاً. ارجع إلى الآية (٧٧) من نفس السورة؛ للبيان.
{أُولَئِكَ}: اسم إشارة، واللام: للبعد، والكاف: للخطاب، تفيد التعظيم، والعلو، والشرف.
{لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق، لهم أجرهم: ثوابهم عند ربهم.
{إِنَّ}: للتوكيد.
{اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}: إشارة إلى كمال علمه بأعمال عباده، أو ما عملت كل نفس، وما يستحقون من الأجر والجزاء، أو الثواب، ولإزالة الظن أن كثرة الخلق تعني: طول الانتظار، وسيعجل لهم أجرهم؛ أي: حسابهم فليطمئنوا أن الله قادر على أن يحاسب الناس إذا شاء سبحانه بما تقتضيه الحكمة الربانية بوقت قصير؛ أي: ساعات قليلة، أو بكن فيكون.