{جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}: أي: صيرناه، وهذه الآية تذكرنا بآية أخرى مشابهة في سورة يوسف وهي قوله تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[آية: ٢]، جعلناه قرآناً عربياً: هناك فرق بين الإنزال والجعل، جعلناه؛ أي: صيرناه قرآناً عربياً قبل إنزاله، ثم أنزلناه قرآناً عربياً، والسياق لا يذكر أي وحي حتى يذكر الإنزال، وإنما هو {فِى أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ}، وفي سورة يوسف آية (٢) قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}؛ لأنها جاءت في سياق الوحي {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}[يوسف: ٣]، وإنزال قصة يوسف، وفي كلا الآيتين قال تعالى:(لعلكم تعقلون) للتوكيد.
{لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}: لعل: تفيد التّعليل، تعقلون: تفهمون معانيه، وما تؤمرون به وما تنهون عنه وتعملون آياته وتعملون بما فيه، تعقلون: من عقل الشيء عرفه بدليله، وفهمه بأسبابه ونتائجه، أيْ: تصلون إلى الحقيقة وهي أن الله سبحانه هو أنزل هذا القرآن، وأنه هو الإله الحق الّذي يجب أن يطاع ويُعبد.