للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة مريم [١٩: ١٤]

{وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}:

{وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ}: أي: جعلناه براً بوالديه؛ أي: محسناً لهما رؤوفاً بهما.

{وَلَمْ يَكُنْ}: لم: للنفي.

{يَكُنْ}: في الحال، والمستقبل.

{جَبَّارًا}: تحمل عدة معانٍ: قاسياً متكبراً متعالياً، وتعني: الّذي يجبر النّاس على فعل ما لا يحبون مستخدماً وسيلة الظّلم، والعتو والقهر، أو الذي يتعاظم بالقهر والتسلط والقتل، والجبار أبلغ من المتكبر.

{عَصِيًّا}: لا يعصي ربه، ولا يعصي والديه، وعصياً أبلغ من عاصي. قيل: لم يعص ربه، ولا مرة عصياً، أو ينوي المعصية.

ولمقارنة هذه الآية (١٤) من سورة مريم: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}، مع الآية (٣٢) من سورة مريم: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا}.

الآية (١٤): {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}: هذا كلام الله سبحانه في حق يحيى؛ فالله سبحانه يعلم الغيب، ويعلم من سيكون جباراً، ومن سيكون عصياً؛ فنفى عن يحيى -عليه السلام- كلا الصفتين.

والآية (٣٢): {وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا}: هذا كلام عيسى -عليه السلام- في حق ذاته، أو عن نفسه؛ أي: لأنّ الله سبحانه أعطاني حرية الاختيار، فلن أختار أنّ أكون جباراً شقياً.

وكلمة جباراً: ذكرت في كلا الآيتين، وذكر عصياً في الآية (١٤)، وشقياً في الآية (٣٢).

أوّلاً: النّبي، أو الرّسول لا يصح أنّ يكون لا جباراً، ولا عصياً.

وعصياً: من العصيان، والعصيان من عمل العبد.

أمّا شقياً: من الشّقاوة، والشّقاوة: سببها عصيان الله، والله سبحانه لا يجعل أي إنسان لا جباراً، ولا شقياً، ولا عصياً، بل ترك له حرية الاختيار.