سورة الكهف [١٨: ٨٤]
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ سَبَبًا}:
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الْأَرْضِ}: إنا: جاءت بصيغة التّعظيم، وترجع إلى الله سبحانه.
{مَكَّنَّا لَهُ فِى الْأَرْضِ}: هيأنا له أسباب التّمكين؛ لإقامة، وإظهار دين الله تعالى؛ فهذه هي غاية التّمكين، ومن أسباب التّمكين القدرة، والعلم، والملك، والحكم.
{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ سَبَبًا}: الإيتاء: هو العطاء بدون تملك؛ أي: يمكن استرداد ما أُعطي. ارجع إلى سورة البقرة آية (١١٩).
{مِنْ}: من كلّ شيء يصلح به أمره أو يحتاجه، ولا تعني من الاستغراقية، بل تعني: أتيناه الكثير من الأشياء.
{كُلِّ شَىْءٍ سَبَبًا}: ما يحتاج من القوة، والعلم، والجنود، والوسائل، أو كلّ شيء يحتاج إليه للوصول إلى ما يريده من التّمكين (القدرة، والطّاقة، والعلم، والإرادة).
{شَىْءٍ}: نكرة تشمل كلّ شيء، والسّبب: أصله الحبل الّذي يستعمل للوصول إلى شيء ما، ويعني: الوسيلة الّتي توصله إلى ما يريده، أو الهدف، أو السّبب يحتاج إليه في حدوث المسبب.
وسمّي الحبل سبباً؛ لأنّه يتوصل به إلى إخراج الماء من البئر، وأما عند أهل الأصول: هو الّذي يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم, والسبب في القرآن له معان عدة منها:
١) العلم والقوة والوسيلة التي يحتاج إليها للوصول إلى الغاية كما في الآية (٨٤).
٢) الطريق أو المنزل والمسلك كما في الآية (٨٥).
٣) الأسباب جمع سبب, وتعني: الأبواب؛ أي: أبواب السموات كما في سورة ص آية (١٠).
٤) والسبب قد يعني: الحبل, كما في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ} [الحج: ١٥].
٥) وقد تعني الأسباب: الأرحام والقرابة وصلات الوصال والمودة والروابط التي كانت تجمعهم في الدنيا, كما في قلوه تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: ١٦٦].