سورة التوبة [٩: ٥٥]
{فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}:
{فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ}: فلا: الفاء: استئنافية. والتّقدير: بما أنّهم كفروا بالله وبرسوله، ولا يأتون الصّلاة إلا وهم كسالى، ولا ينفقون إلا وهم كارهون؛ فإن اتصفوا بتلك الصّفات: فلا تعجبك أموالهم، ولا أولادهم، أو لا تنظر إلى أموالهم، ولا أولادهم.
لا: النّاهية. تعجبك: من الإعجاب بالشّيء: وهو الفرح به، مع التّعجب، واستحسانه.
{أَمْوَالُهُمْ}: من كثرتها، أو من غناهم.
{وَلَا}: أولادهم من الكثرة والقوة، تكرار لا: الناهية للتوكيد، ولفصل كلّ منهما على حدة، كثرة الأموال عن كثرة الأولاد، أو كلاهما معاً.
{إِنَّمَا}: كافة مكفوفة؛ تفيد التّوكيد.
{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا}: اللام: لام التّعليل، والتّوكيد.
{بِهَا}: في الحياة الدّنيا؛ ليعذبهم بها في كيفية جمعها، ويخافون عليها، وما يصحب ذلك من الحرص، ومن القلق، والهم حين يخسرون في التّجارة، أو الأسهم، وفي الآخرة يعذبون على عدم إخراج زكاتها؛ فتكون عليهم حسرة، أو ينفقونها في الصّد عن سبيل الله، أو في المحرمات، والمعاصي، أو التّبذير. وأمّا الأولاد فيعذبهم بهم حين يمرضون، أو يموتون، أو يحدث لهم طارئ، أو مصيبة.
{فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: ولم يقل في الدّنيا؛ لأنّها جاءت في سياق الإعجاب، والفرح؛ فإضافة كلمة الحياة تزيد من الغرور، ولكنه وصفها بالدّنيا؛ أيْ: بالحياة الدنيئة السفلى؛ لكونها زائلة، لا تدوم، وتخلوا من الطمأنينة.
{وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ}: تخرج.
{وَهُمْ كَافِرُونَ}: هم: ضمير فصل؛ يفيد التّوكيد، كافرون: لم يتوبوا إلى الله؛ لأنّ التّكاثر ألهاهم؛ حتّى زاروا المقابر.
ولا بد من مقارنة هذه الآية (٥٥) من سورة التّوبة، مع الآية (٨٥) من سورة التّوبة أيضاً.
الآية (٥٥): {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
والآية (٨٥): {وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِى الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
كلا الآيتين في سياق المنافقين:
الآية
٨٥
الآية ٥٥
في سياق الجهاد، والقتال في سبيل الله
في سياق الإنفاق في سبيل الله
{وَلَا تُعْجِبْكَ}: الواو: لا تدل على الترتيب، والتّعقيب
{فَلَا تُعْجِبْكَ}: الفاء: للترتيب، والتّعجب والتّوكيد
{أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ}: جمع الأموال والأولاد معاً؛ أيْ: أُعطوا نعمتي المال والأولاد معاً
{أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ}: زيادة لا: للتوكيد؛ نافية، وفصل كلّ من الأموال والأولاد على حدة، أو كلاهما معاً؛ أيْ: منهم من أُعطي الأموال، ومنهم من أُعطي الأولاد
{أَنْ يُعَذِّبَهُمْ}: أنْ: للتعليل
{لِيُعَذِّبَهُمْ}: اللام: للتوكيد، والتّعليل، والعذاب ليس بسبب جمعهم المال فقط، وإنما بسبب حبهم له، وعدم إنفاقه.
{فِى الدُّنْيَا}: من دون كلمة الحياة؛ لأنّ الجهاد، والقتال لا يناسب معه ذكر الحياة الدّنيا؛ اكتفى بذكر الصّفة
{فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: لأنه يتحدث عن المال، ناسب ذكر الحياة كلمة الدّنيا. الحياة الدنيا: الدنيا صفة للحياة