سورة العنكبوت [٢٩: ١٤]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}: ارجع إلى الآية (٢٥) من سورة هود.
نوحاً: هو ابن لامك بن متوشلح بن إدريس من ولد شيث بن آدم، كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون كما في صحيح البخاري عن ابن عباس.
{فَلَبِثَ فِيهِمْ}: اللبث: أي أقام يدعوهم في زمن محدد (اللبث: الإقامة المحددة بزمن) أما المكث: الإقامة غير محددة بزمن.
يدعوهم إلى عبادة الله وتوحيده وترك عبادة الأصنام الّتي انتشرت في زمانه.
{أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}: ولم يقل ألف سنة إلا خمسين سنة، كلمة سنة في القرآن، تستعمل في سياق الشّدة والبأساء مثل القحط والفقر فهي لا تحمل في معناها الخير، وأمّا كلمة عام في القرآن تستعمل في سياق الخير والبركة والمطر والنّعمة فنوح عليه السلام عاش (٩٥٠) سنة وكانت كلها سني شدة؛ لما لاقاه من قومه من تكذيب وتحدٍّ وإعراض، ثمّ عاش (٥٠) عاماً بعد الطّوفان أعوام أمن ورخاء وسراء، ولذلك سماها عاماً بدلاً من سنة.
فقد قيل: بعث نوح على رأس (٥٣ سنة) ودعا قومه (٩٥٠) سنة وعاش بعد الطّوفان (٦٠) عاماً.
وقد قيل: بعث على رأس (٥٣) ودعا قومه (٩٥٠) سنة وعاش بعد الطّوفان (٤٧) عاماً، وهناك أقوال أخرى.
وقال تعالى: (ألف سنة إلا خمسين عاماً) بدلاً من تسعمائة وخمسين سنة كاملة.
استعمل رأس العدد ألف؛ لأنّه أوقع في النّفس؛ من القول تسعمئة وخمسين سنة، ولكي يبين زمن الفترة التي عاشها نوح بعد ذلك وأنها كانت مغايرة لما سبقها.
{فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ}: الأخذ معناه العذاب أو الهلاك وفيه معنى الأخذ بشدة، الطّوفان: ما طاف وأحاط بكثرة وغلبة، وهو هنا المطر الشّديد الّذي أدى إلى الغرق والهلاك، أو ما يسمى: تسونامي نتيجة البركان الّذي حدث.
{وَهُمْ}: للتوكيد.
{ظَالِمُونَ}: لأنفسهم بالشّرك جمع: ظالم، والظّلم هو الشّرك؛ أي: وهم مشركون أو كافرون، ظالمون: جملة اسمية تفيد الثّبوت، ثبوت صفة الظّلم؛ أي: الشّرك عندهم، فقد كانوا يعبدون الأصنام الّتي ذكرت في سورة نوح آية (٢٣).