للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النور [٢٤: ٢٢]

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}:

سبب النّزول: كما روى البخاريّ ومسلم نزلت هذه الآية في أبي بكر الصّديق رضي الله عنه ومسطح بن أثاثة، وكان مسطح ابن بنت خالة أبي بكر وكان من المهاجرين ومن الّذين شهدوا معركة بدر ومن المساكين، وكان أبو بكر ينفق عليه، فلما كان مسطح من الّذين جاؤوا بالإفك عصبة حلف أبو بكر: لن ينفق عليه بعد ذلك، فنزلت هذه الآية.

{وَلَا يَأْتَلِ}: الواو استئنافية، لا النّاهية، يأتل: يحلف، من: الألية؛ أي: الحلف أو القسَم واليمين.

{أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ}: أولو الفضل: ذوو الفضل أهل؛ يعني: أبا بكر الصّديق رضي الله عنه، وجاء بصيغة الجمع؛ لتكريمه وتعظيم ما له فضل، أولو: أهل البر والصلاة والفضل: في الدّين والمنزلة في الإسلام والصّلاح. وكذلك تشمل غيره من أولي الفضل؛ أي: الزيادة.

{وَالسَّعَةِ} الغنى السّعة في الرّزق والمال، ومن الّذين وسّع الله عليهم وأغناهم.

{أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى}: أن: تعليلية، يؤتوا: يعطوا أو ينفقوا على أولي القربى مثل مسطح، أولي: ذوي القربى؛ أي: الأقارب الفقراء.

{وَالْمَسَاكِينَ}: جمع مسكين: وهو من يملك ما لا يكفيه، والفقير: من لا يملك شيئاً، وكان مسطح من المساكين.

{وَالْمُهَاجِرِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: من مكة إلى المدينة.

{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا}: اللام في كل الكلمتين للتوكيد، توكيد العفو والصّفح، والعفو: ترك العقوبة، والصّفح: العفو مضافاً إلى ترك اللوم (عدم اللوم). وليعفوا وليصفحوا: للندب والإرشاد، وليس فرضاً أو واجباً.

{أَلَا}: للاستفهام والحث والحض على المغفرة بالعفو والصّفح والتسامح لكي يضمن مغفرة الله تعالى.

{تُحِبُّونَ}: الخطاب بصيغة الجمع والمراد به: أبو بكر؛ لتعظيم مكانته، أو الخطاب إلى المؤمنين عامة.

{أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}: أن: للتعليل، يغفر الله لكم: المغفرة: ستر الذّنب وترك العقوبة، والإثابة على الأعمال الصّالحة والمغفرة.

فلما سمع أبو بكر هذه الآية قال: بلى والله أحب أن يغفر الله لي. وعندها عفا وصفح عن مسطح وردّ على مسطح ما أمسكه عليه من النفقة، والعبرة عموم اللفظ وليس بخصوص السّبب.

{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: صيغة مبالغة من: غفر: كثير الغفران لمن تاب وآمن.

{رَحِيمٌ}: والرّحمة والمغفرة، فكلاهما من صفاته الثّابتة رحيم بالمؤمنين؛ أي: دائم الرّحمة في الدّنيا والآخرة.